ثقافة وفن

الميوعة من داخل وخارج صاحبة الجلالة .. إلى متى ؟؟ ..

بقلم : بوشعيب حمراوي الخميس 14 يوليو 2022
C49D372A-5226-4E95-B57C-428F87C61AD5
C49D372A-5226-4E95-B57C-428F87C61AD5

AHDATH.INFO

مع الأسف الشديد، لم نتمكن من تنقية وتطهير قطاع الإعلام والصحافة من الخبث والخبائث والهزل والمهازل. رغم أننا تمكنا من إحداث بناية مستقلة لرواد الإعلام والصحافة، و هيئة مستقلة حملت اسم (المجلس الوطني للصحافة). عهدت إليها مهمات تنظيم القطاع وتطهيره وتمكنين رواده من التكوين المستمر . وفرض احترام أخلاقيات المهنة.

مع الأسف لم نستطع حتى أن نرسم حدود القطاع، وتسييج تلك الحدود. لوقف اجتياحها من قوافل المهاجرين السريين والدخلاء والمندسين، الذين ولجوا القطاع بلا جوازات سفر، ولا أدنى تكوين ولا التزام بأخلاقيات المهنة. ولا حتى تصريحات مؤقتة. منهم من اقتحم القطاع عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، ومنهم من تحولوا من مصوري الأعراس والحفلات إلى مصورين صحفيين ومدراء جرائد، ومنهم من ناموا طويلا واستفاقوا على خبر اقتحام قريب أو صديق أو جار له قطاع الصحافة. فقرروا سلك نفس المسار. بعدما تأكدوا أن الصحافة في (وضعها الحالي) أصبحت مهنة مفتوحة في وجه من لا مهنة له.

كما لم نتمكن من تقوية التنظيمات النشيطة داخل قطاع الصحافة والنشر. ولا حتى من تقنين العمل وتوحيد الرؤى والأهداف من أجل إنعاش القطاع وإنصاف رواده. حتى بعد التخلص من الرقابة الحكومية، والتأثيث لمجلس حلمنا أن يكون بين الصحافيين والناشرين وكل العاملين بالمقاولات الإعلامية.

قطاع الإعلام بات من جهة ملتصقا بمواقع التواصل الاجتماعي وروادها الذين انتحلوا صفات المراسلين والصحفيين والحقوقيين والعلماء والفقهاء والخبراء و.. يدونون ويغردون ويفتون .. في كل الأمور و في كل وقت وحين. بل أن من بين هؤلاء من أصبحوا محط ثقة مسؤولين ومنتخبين. وتحولوا إلى بديل لرواد الإعلام والصحافة. ويتضح هذا جليا عند حضور أنشطة رسمية لمؤسسات وهيئات رسمية (جماعات، عمالات، ولايات..).

القليل من مدمني اللهو السياسي والنقابي وهواة العبث الاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي، يدركون درجة خطورة التلاعب بالسلطة الرابعة وروادها على أمن واستقرار البلاد. والقلة القليلة منهم، تؤمن بأنه لا قفص أو سجن يمكنه احتواء أو إخراس أقلام وألسنة (قطاع الإعلام والصحافة)، لأنه جزء من الحرية التي يضمنها دستور البلاد وكل المواثيق الدولية. الأصل هو حرية التفكير والتعبير. وكل إجراء يتعارض معه يعتبر خرقا وضربا للديمقراطية، ينبغي تجريمه. وهذا ما جعل الرافضين للصحافة الجادة، يركزون على إعلام مواقع التواصل ورواده كبديل سخيف. كيف لا ومعظم الشعب المغربي لازال لا يفرق مع منبر رقمي مهني وبين صفحة على موقع الفايس أو التويتر. وكيف لا ونحن نرى كيف يتم التهافت على مشاهدة فيديو أو قراءة مقالة على الفايس. في حين أنه يتم التغاضي عن رابط منبر إعلامي منشور على الفايس. حتى لو كان يحتوي على نفس الفيديو أو نفس المقالة. ومع اقتراب نهاية ولاية أعضاء المجلس الوطني للصحافة. وعادت حمى التنافس على مقاعد داخل المجلس، تستنفر مجموعة من رواد الصحافة والنشر. وحتى لا نعيد زلات الأمس والتجاوزات التي اعتمدت في عدة مراحل من تأسيس المجلس وانتخاب وتعيين أعضاءه ال21. لابد من الجهر بتلك الزلات والتجاوزات حتى يتم تصحيحها. والخروج بمجلس مستوف لكل الشروط القانونية. ومنصف لكل رواد الإعلام والصحافة.

الأكثر تمثيلية في قطاع الصحافة والنشر

أشرفت وإن لم نقل إنها انتهت (مدة ولاية المجلس الوطني الحالي للصحافة)، والذي أجمع شرفاء المهنة على إحداثه على علته، من أجل إخراج الصحافة والإعلام من قفص ووصاية وزارة وصية. على رأسها وزير بغطاء حزبي. فتم التوافق على أولوية الاستقلال، وتم التغاضي على مجموعة من التجاوزات على أمل إعادة النظر فيها. والانتصار للديمقراطية والشفافية، لنؤثث لمجلس وطني نموذجي، يبرز مدى جدية ونزاهة رواد قطاع الإعلام والصحافة. وإصرارهم على سلك كل المسارات الصحيحة في تدبير شؤونهم الداخلية من أجل تحقيق الإنصاف اللازم. من أجل كل هذا لابد من العودة إلى :

لجنة الإشراف على عملية انتخاب ممثلي الصحافة المهنيين وناشري الصحف بالمجلس الوطني للصحافة، والتي شكلت من قاض منتدب من طرف المجلس الأعلى للسلطة القضائية بصفته رئيسا, و ممثل عن كل هيئة من الهيئات الثلاث (السلطة الحكومية المكلفة بالاتصال،المجلس الوطني لحقوق الإنسان، جمعية هيئات المحامين بالمغرب). كما ضمت ممثل عما سمي نقابة الصحافيين الأكثر تمثيلية. وممثل عن هيئة الناشرين الأكثر تمثيلية. وهنا وجب التأكيد على ضرورة العودة إلى مدونة الشعل والقانون ( 65-99). والتأكيد على أن (الأكثر تمثيلية)، ليس وساما ولا شهادة يمكن أن تعود لأي كان. ولكنه تتويج مهني يعود للنقابة المهنية في قطاع ما، والفائزة بالانتخابات المهنية المنظمة من طرف الدولة. فهل سبق وتم تنظيم انتخابات مهنية خاصة بقطاع الصحافة والنشر. وهل سبق أن تم تنظيم انتخابات مهنية لقطاع الناشرين. لدينا الآن هيئتين (الفيدرالية المغربية لناشري الصحف والجمعية الوطنية للإعلام والناشرين المحدثة أخيرا). وفي حالة عدم تنظيم انتخابات مهنية لإفراز نقابة الصحفيين الأكثر تمثيلية ونقابة الناشرين الأكثر تمثيلية. نفس التجاوز ارتكب وتم الركوب على شماعة (الأكثر تمثيلية الوهمية)، عند انتهاء الانتخابات الخاصة بالمقاعد ال14، (7 صحفيين و7 ناشرين). حيث كان لابد من استكمال باقي أعضاء المجلس، بتعيين سبعة أعضاء آخرين يمثلون خمس هيئات وهي (المجلس الأعلى للسلطة القضائية، المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، اتحاد كتاب المغرب، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، جمعية هيئات المحامين بالمغرب). ومعهم ناشر سابق تعينه هيأة الناشرين الأكثر تمثيلية وصحافي شرفي تعينه نقابة الصحافيين الأكثر تمثيلية.

بمعنى أن لجنة الإعداد للانتخابات ضمت عضوين غير شرعيين، والمجلس الوطني للصحافة ضم عضوين غير شرعيين. فهل سيتم تدارك الأمر عند الإعداد للولاية الثانية للمجلس. أم أن منطق (الأكثر تمثيلية) سيبقى باطلا يراد به حق ؟؟ ..

هيئات تحكمنا ولا تحكمنا

بالرجوع إلى لجنة الإعداد لانتخاب ممثلين الصحفيين والناشرين، وبالعودة تشيكلة أعضاء المجلس الوطني للصحافة. نجد أن هناك عدة هيئات دخيلة عن القطاع متحكمة فينا. وهذا لن يزيد القطاع إلا تماسكا وصلابة وجدية. لكن يتساءل رواد قطاع الإعلام عن سبب تواجد تمثيليات داخل تلك الهيئات والمجالس العليا. باعتبار أن لرواد القطاع خصوصيات وروئ يمكنها أن تعطي إضافات لتلك الهيئات والمجالس العليا. كما يتساءلون عن سبب عدم تواجد ممثلي لباقي العاملين والعاملات في قطاع الإعلام والصحافة والنشر. فالمجلس الوطني هو للصحافة وليس للصحافيين. وكل تأثير لهذا المجلس على المقاولات الإعلامية، سيمس كل العاملين، وليس فقط الصحفيين والناشرين. كما يتساءلون عن سبب منح نفس التمثيلية للصحافيين الذين يعدون بالآلاف، والناشرين الذين يعدون بالعشرات فقط.

أم السلط تطفو فوق بحر من الميوعة

علينا أن ندرك جيدا قيمة و مكانة السلط الستة التي تدبر شئون البلاد والعباد. والتي من المفروض أن تؤثث لمسار تنموي منصف لكل الفئات المجتمعية، ويواكب القرارات والمبادرات الملكية. وعلى ممثلي السلط الرسمية الثلاثة الأولى (التنفيذية، التشريعية، القضائية)، أن يدركوا أنهم منتوج خاص وصرف للسلط الموازية الثلاث الأخرى، وأعني بها السلطة الرابعة (صاحبة الجلالة)، والخامسة (المجتمع المدني)، والسلة السادسة (رواد منصات التواصل الاجتماعية ). وأن تنقية وتطهير السلط الثلاثة الأولى يفرض بالأساس تخليق وتقنين عمل السلط الثلاثة المتبقية. والسلطة السادسة هي أم تلك السلط ومحركها الأساسي. والتي جمعت بين أقلية الصالح وهيمنة الطالح. بين المثقفين المبادرين وبين المؤثرين الناصحين والمسترزقين ورواد السفاهة والميوعة.

يجب سن قوانين وطرق لوقف نشر الإشاعات والأكاذيب. والكف عن نصرة الجهل والجاهلين. وقمع وتجاهل العلم وإحباط العلماء والمبدعين.

يجب التلاحم من أجل مواجهة الإرهاب الفكري الجديد، الذي بات يدخلنا في متاهات الاحتجاج والمطالبة بالإنصاف، بشأن قضايا وأحداث لا أساس لها من الصحة. ويولد داخل عقول المواطنين شحنات من الاحتقان والغليان المجانية. تجعل البلد يغوص في وحل حراك مصطنع، قد يقوده إلى الهاوية والهلاك.

الإرهاب الفكري أصبح له روادا كثرا، همهم تفكيك الشعب، وانحراف أدمغته، واحتراف موطنيه النصب والاحتيال وتسويق الإشاعة من أجل التموقع السياسي و الإعلامي. يسعون من أجل قضاء مصالح وخدمات شخصية. وجر الشعب إلى فقدان الثقة في مواطنيه و مؤسساته.

مع الأسف الشديد، فقد أصابنا وباء البهتان والإشاعة والنصب والاحتيال. تسلل إلى جسمنا الطاهر مجموعة من الفاسدين والمسخرين، الذين امتهنوا نشر الأكاذيب والخزعبلات لضرب كل ما ترسخ لدينا من صمود وكفاح جماعي، ولإحباط المواطنين، وجعلهم ينساقون وراء الفتن والخراب. هؤلاء الذين احترفوا الركوب على مآسي وحوادث عابرة ومنفردة، وتضخيمها. طينة فاسدة من السياسيين والإعلاميين والمنتخبين والمسؤولين في عدة قطاعات عمومية وخاصة، تعاقبوا منذ سنوات (بل عقود) على نهب الثروات الطبيعية، وتهميش الطاقات البشرية.. منهم من انشغلوا باستنزاف الثروات الوطنية، ومنهم من أدمنوا على صرف الدولار والأورو، وحياة الرخاء والتجوال السياحي الدولي، علما أنهم لا يعلمون شيئا عن الحياة والسياحة داخل بلدهم المغرب.. باتوا يتزودون من أموال خارجية، مقابل زعزعة استقرار البلاد. همهم الوحيد تحصين مواقع أبنائهم والموالين لهم، وترسيخ الطبقية والرأسمالية الكاسدة. تناوبوا على تفقير الفقراء وعزل أطفالهم، بتخريب التعليم وانتهاك حرمة الأسر والعائلات، والدفع نحو اغتيال العفة والحياء والشرف والمروءة. عندما ننشر خبرا زائفا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي أو منابر إعلامية رسمية ،عن مسؤول ما، فنحن نعلم أن الحقيقة لاشك ستنجلي، لأن (حبل الكذب قصير). لكن مروج ذاك الخبر الزائف، له أهداف أخرى لا علاقة لها بمصالح المغاربة ومطالبهم وحقوقهم. يسعى إلى النيل من سمعة المسؤول وشرفه. وقد يتمكن من إحباط المسؤول، والحد من عطاءه المهني والإبداعي. ويكون بذلك قد أضر بالتنمية والشعب الذي نصب نفسه وصيا عليه. وقد يبادر نفس الشخص أو غيره إلى نشر أخبار صادقة عن تجاوزات نفس المسؤول، ولا أحد سيهتم بها، بل لن تجد حتى من يفكر في البحث عن مدى صحتها.

عندما لا نتوقف عن تحميل مسؤولية سرقة أو اغتصاب أو أي نوع من الفساد الذي تعرفه الحياة العادية واليومية بمدن وقرى المملكة، نتيجة تقصير موظف أو عامل أو مسؤول محلي.. للمعنيين المباشرين محليا وإقليما وجهويا ووطنيا فقط. ولا نكتفي بالمطالبة بتحقيق العدالة وإنصاف المظلومين ومعاقبة الظالمين وفق ما ينص عليه دستور البلاد. و نحاول أن نجعل من تلك الأحداث (شماعة) لإسقاط أسماء بعينيها. قد تصل حتى المطالبة بإسقاط الحكومة وأشياء أخرى قد تعصف بالكيان المغربي وتنهي تاريخ وجوده. ألا ندرك أنه من الواجب الوطني على هؤلاء تجديد الطهارة والوضوء، للتخلص من تلك تلك النوايا السيئة. لأن الشعب لم يعد قادرا على خدمة مصالحه. ولم يعد بإمكانه صنع البديل البشري، لتعويض شلة المفسدين، الذين شلوا قطار التنمية، ولا أحد بحث في فسادهم. توقفوا أيها الإعلاميين والمدونين ورواد الفايسبوك والواتساب وأصحاب الدكاكين والأكشاك السياسية عن نشر الأكاذيب والإشاعات بهدف الرفع من عدد المشاهدين، و(اللايكات)، والاستقطاب السياسي، وتسويق الدعارة الإعلامية، ومحاولة كسب تعاطف وتقدير الشعب، وإيهامه بأنكم أدرعه وأدمغته التي ترعاه وتقوده وتحميه.

مكنوا الشعب من فرص الاطلاع على الحقائق، وفرص التحليل والمناقشة واستخلاص القرارات والعبر. رسخوا ثقتهم في رواد المجتمع المدني (السلطة الخامسة) وممثلي الإعلام (السلطة الرابعة)، لأن هؤلاء هم رواد السلطة السادسة. وهم من يصنعون الساسة والقادة و يؤثثون لباقي السلط (التشريعية، التنفيذية، القضائية).. وهم من يعتمد عليهم الشعب من أجل فرض الرقابة على الحكومة والبرلمان بغرفتيه.