ثقافة وفن

مشهوري يكتب بمناسبة معرض الكتاب: "مستنياك"!

بقلم محمد مشهوري الاحد 05 يونيو 2022
C426D5A0-08E3-4C6C-A5B2-859B3155EA5E
C426D5A0-08E3-4C6C-A5B2-859B3155EA5E

AHDATH.INFO

أظهر الإقبال الجماهيري الكبير على فعاليات دورة المعرض الدولي للكتاب المنظمة بالعاصمة الرباط مدى تعطش المغاربة، وخاصة الأجيال الجديدة إلى الثقافة التي حرمت منها على مدى عقود بفعل هيمنة نزعات التجهيل و"التضبيع" التي نبه إليها السوسيولوجي الراحل محمد جسوس منذ ثمانينات القرن الماضي.

كما أظهر حضور الجمهور في ورشات النقاش المنظمة مواكبة لأروقة المعرض أن جمود السياسة وعجزها عن مسايرة التحولات المجتمعية والرؤية التنموية لا يمكن أن يعوض ذلك "الهدر الزماني" سوى فتح ورش ثقافي وطني كبير يعيد إلى المجتمع المغربي قيمه التي كادت تندثر.

فبعد أربعة عقود من مسلسل التجهيل ومحاربة العقل والفلسفة والعلوم الإنسانية الذي بدأ مع "إصلاحات" وزير التعليم الراحل عز الدين العراقي، ها نحن نلامس ومضة ضوء تتلألأ في سماء معرض فضاء OLM تحمل بشارة تفند ما سكن في القلوب من يأس وقنوط من "عودة الماء الصافي إلى مجراه".

لذلك، يجب استثمار هذه اللحظة الجميلة من أجل إعادة الروح إلى دور المثقف في مختلف ضروب الفكر والإبداع (شعر، قصة، رواية، نقد، فلسفة، ترجمة...)، لأن عودة المثقف إلى السطح وخروجه من قوقعة العزلة هو السبيل الوحيد لمعالجة ما خلفته السياسة من أسقام مزمنة نخرت جسم المجتمع.

لقد عشنا منذ عقود على إيقاع ممارسة سياسية بدون روح وبدون قيم وبدون أخلاق، غاب عنها وفيها الإبداع وحضر الريع وتهافت التهافت على مصلحة الأنا، لكي نصل إلى ما نحن عليه من تيه وضياع وفقدان للهوية.

هنا تعود بي الذاكرة إلى أعوام خلت، حين كتب الراحل عبد الرحيم بوعبيد عن إعجابه برائعة "مستنياك" للمطربة عزيزة جلال. فهمت ساعتها لماذا كان ينفذ خطاب بوعبيد إلى القلوب؟ لم يكن خطابا سياسيا فحسب، بل كان خطابا يحمل جمالية وفنية وروحا إنسانية.

في تلك السنوات الخوالي، كنا نقرأ لعلي يعتة ولمحمد عابد الجابري ولمحمد الكحص صاحب العنوان التاريخي على الصفحة الأولى لصحيفة ليبراسيون في الذكرى الأولى لتولي الملك محمد السادس العرش:ça  fait un an qu’on sème .

فترى أين نحن من ذلك الزمن البهي؟ قدر الأجيال الجديدة أن تعايش خطابات "الذيب الشارف" و"الحمير" وما تجود به قريحة ساسة آخر ساعة من قواميس تمتح من لغة السوق.

قبل الختم: "ما عمرك تتيق فاللي ما كيسمعش أم كلثوم" !

يتبع ....