بوابة الصحراء

كلمة الأحداث- الديبلوماسية الملكية: المغرب يجني ثمار حكمته

بقلم : المختار لغزيوي- الأحداث المغربية الاثنين 21 مارس 2022
E68029C6-ECBA-451E-B4FE-AC86F9DA177F
E68029C6-ECBA-451E-B4FE-AC86F9DA177F

AHDATH.INFO

يجني المغرب اليوم ثمرة دبلوماسيته الملكية، وهي ديبلوماسية أثبتت أنها ملكية فعلا، لأنها تسلحت بالحكمة، والثبات، والرصانة، والعمق، وعدم الانجرار وراء ردود الأفعال، بل والإصرار على الفعل وعلى القيادة، وعلى توجيه المسار نحو مصلحة البلد أولًا وآخرًا، وقبل وخلال وبعد كل الأشياء.

ومع البلاغ الهام الصادر عن الديوان الملكي، الجمعة 18 مارس 2022 ، الذي أخبر المغاربة بفحوى الرسالة التي توصل بها جلالة الملك من رئيس الحكومة الإسبانية، والتي أكد فيها هذا الأخير أن إسبانيا تعرف قيمة وأهمية ومكانة قضية الصحراء المغربية لدى كل واحد من المغربيات والمغاربة، قبل التأكيد على أن الحل الجدي الوحيد للنزاع المفتعل حول صحرائنا هو الحل الذي يقترحه المغرب، ازداد اقتناع شعبنا وأصدقائنا في كل مكان أن شعار "واثق الخطوة يمشي ملكا" الذي تتبناه الديبلوماسية المغربية هو أكبر من شعار، بل هو الإيمان كله بهذا المسار الطويل والدائم دفاعا عن قضايانا المصيرية، وفي مقدمتها قضية صحرائنا.

في خطاب الاحتفال بثورة الملك والشعب (السنة الفارطة 2021)، قال جلالة الملك بالحرف : "شعبي العزيز،

هناك من يقول بأن المغرب يتعرض لهذه الهجمات، بسبب تغيير توجهه السياسي والاستراتيجي، وطريقة تعامله مع بعض القضايا الدبلوماسية، في نفس الوقت.

هذا غير صحيح. المغرب تغير فعلا، ولكن ليس كما يريدون؛ لأنه لا يقبل أن يتم المس بمصالحه العليا. وفي نفس الوقت، يحرص على إقامة علاقات قوية، بناءة ومتوازنة، خاصة مع دول الجوار.

وهو نفس المنطق، الذي يحكم توجهنا اليوم، في علاقتنا مع جارتنا إسبانيا.

صحيح أن هذه العلاقات مرت، في الفترة الأخيرة، بأزمة غير مسبوقة، هزت بشكل قوي، الثقة المتبادلة، وطرحت تساؤلات كثيرة حول مصيرها.

غير أننا اشتغلنا مع الطرف الإسباني، بكامل الهدوء والوضوح والمسؤولية.

فإضافة إلى الثوابت التقليدية، التي ترتكز عليها، نحرص اليوم، على تعزيزها بالفهم المشترك لمصالح البلدين الجارين.

وقد تابعت شخصيا، وبشكل مباشر، سير الحوار، وتطور المفاوضات.

ولم يكن هدفنا هو الخروج من هذه الأزمة فقط، وإنما أن نجعل منها فرصة لإعادة النظر في الأسس والمحددات، التي تحكم هذه العلاقات.

وإننا نتطلع، بكل صدق وتفاؤل، لمواصلة العمل مع الحكومة الإسبانية، ومع رئيسها معالي السيد Pedro Sanchez، من أجل تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة، في العلاقات بين البلدين، على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات.".

يوم الجمعة الماضي وبعد مضي سبعة أشهر بالتحديد على الكلام الملكي، قالت إسبانيا الجمعة الفارطة "آمين".

استوعبت جارتنا الشمالية بمنطق الصداقة الدائم أن البقاء في المكان كله للأصلح. وفهم أصدقاؤنا هناك (والمغرب ظل دوما وأبدا يعتبرهم أصدقاء رغم كل شيء) أن الرهان يكون لدى الدول العاقلة على الجدية، وعلى الالتزام، وعلى روح المسؤولية، وعلى مراعاة المصالح المشتركة مراعاة حقيقية.

فهم أصدقاؤنا الإسبان، وهم ذوو دور تاريخي كبير فيما يقع في صحرائنا المغربية منذ سبعينيات القرن الماضي أن عالما جديدا يبني نفسه اليوم بنفسه، وبقدرته على تلافي الأخطاء السابقة.

عالم كان المغرب سباقا إلى الانخراط في ديناميته الجديدة، بفضل الرؤية الاستباقية السديدة لجلالة الملك، التي انخرطت في متغيراته ورهاناته منذ أمد بعيد، يفهم المغاربة معانيها الآن وهم يتذكرون تأكيد المملكة على علاقات الجنوب/جنوب، أو تنويع الشراكات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية مع بلاد كانت تبدو لنا بعيدة في سلم الصداقات التاريخية، مع الإصرار دوما وأبدا على التأكيد أن المغرب سيظل وفيا لصداقاته العريقة مادامت تحترم معاني ودلالات هاته الصداقة وهاته العراقة وهذا التاريخ.

أصدقاؤنا في إسبانيا اليوم، يتبعون الخطوة التاريخية للولايات المتحدة الأمريكية، بإعلان الاعتراف الواضح والصريح بمغربية الصحراء، ويتبعون أيضا تأكيد رئيس أكبر وأهم وأغنى دولة أوروبية أي ألمانيا الألماني أن بلاده تعتبر الاقتراح المغربي للحكم الذاتي القاعدة الأكثر صلابة وجدية لحل مشكلة الصحراء.

ودعونا هنا نذكر مرة أخرى بأن مانراه اليوم متحققا على أرض الواقع، سمعناه في الخطاب الملكي لذكرى المسيرة الخضراء شهر نونبر الماضي حين قال جلالة الملك بالحرف : "لقد سجلنا خلال الأشهر الأخيرة، بعون الله وتوفيقه، تطورات هادئة وملموسة، في الدفاع عن صحرائنا.

وهنا لا بد أن نشيد بقواتنا المسلحة الملكية، التي قامت في 13 نونبر 2020، بتأمين حرية تنقل الأشخاص والبضائع، بمعبر الكركرات ، بين المغرب وموريتانيا الشقيقة.

وقد وضع هذا العمل السلمي الحازم، حدا للاستفزازات والاعتداءات، التي سبق للمغرب أن أثار انتباه المجتمع الدولي لخطورتها، على أمن واستقرار المنطقة.

وبنفس الروح الإيجابية، نعبر عن تقديرنا، لتزايد الدعم الملموس لعدالة قضيتنا.

وإننا نعتز بالقرار السيادي، للولايات المتحدة الأمريكية، التي اعترفت بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه.

وهو نتيجة طبيعية، للدعم المتواصل، للإدارات الأمريكية السابقة، ودورها البناء من أجل تسوية هذه القضية.

فهذا التوجه يعزز بشكل لا رجعة فيه، العملية السياسية، نحو حل نهائي ، مبني على مبادرة الحكم الذاتي ، في إطار السيادة المغربية.

كما أن افتتاح أكثر من 24 دولة، قنصليات في مدينتي العيون والداخلة، يؤكد الدعم الواسع، الذي يحظى به الموقف المغربي، لا سيما في محيطنا العربي والإفريقي.".

حل نهائي مبني على مبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية.

قالها الملك قبلا، وقالها أصدقاؤنا تباعا. واليوم تقولها الجارة إسبانيا بشجاعة، هي التي كانت الجزائر /البوليساريو يعتبرانها منطقة راحة بسيكولوجية للترويج لمزاعم الانفصال، التي لم تصمد أمام واقع الوحدة الترابية في المغرب يوما بفعل التئامنا جميعا هنا حول هاته القضية الوطنية المقدسة التي لاتقبل لدى المغاربة أي اختلاف، والتي يتركون حين التطرق إليها كل مالايتفقون حولها ويتذكرون فقط أن الصحراء كانت في الماضي (تاريخنا العريق) مغربية، وأنها اليوم مغربية، وأنها ستظل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها مغربية.

إننا نجني اليوم ثمار هاته الحكمة الملكية الكبرى، ويحق لنا دون أدنى إشكال أن نفخر بها وأن نرفع الرأس عاليا بين الأمم وأن نقول للجميع : لن ينهزم هذا البلد أبدا وهاته الديبلوماسية الملكية الحكيمة المستبقة، الناظرة إلى البعيد تقود كل خطواته.

هل انتهى الكلام؟

على مايبدو، لا.

هو بالكاد يبدأ في هذا البلد العريق، الذي تعود دوما وأبدا ألا تنتهي أبدا كلمة شعبه ومعها مصلحته المسبقة على ماعداها، المستوعبة أنها تدافع عن قرون وقرون من الوجود والحضارة والدولة والعراقة، لم تتحقق إلا القليل النادر حقا من الأمم. وهذا سر الحكمة كلها.

عاش المغرب العظيم ولاعاش من خانه حقا.