ثقافة وفن

الرائد عبد الواحد التطواني: العودة إلى الزمن الجميل

حسن حليم السبت 17 أبريل 2021
355C4361-069F-4638-BB6C-697985A94532
355C4361-069F-4638-BB6C-697985A94532

AHDATH.INFO

قوة الفنان تكمن في مذي انسجامه مع أحاسيسه، وتناغمه مع فكره الموسيقي، وكذا في تعامله الذكي مع ما يبدعه. وإذا اجتمعت هاته الصفات كلها ، نضمن فرجةا راقيةا. هذا ما لمسته وأنا أستمع إلى أغنية الرائد عبد الواحد التطواني " أتذكرني " التي أداها بإحساس وردي جميل ، تتبع من خلاله خطوات الجمل الموسيقية التي انتزعها من المحار الغابر في أعماق المحيطات والتي لا يتجرأ أحد على اكتشافها، لأنها وبكل بساطة تحتاج إلى نفس عميق. جمل لحنية وضعها بمقاس جميل جدا على كلمات من إبداع الشاعرة الأستاذة التطوانية العزيزة الشمشام التي قطفت أشعارها من مزهرية لا توجد إلا بالفضاءات الساكنة وراء الجاذبية, كلمات ألبسها التطواني فستانا مزركشا، فأضحت عروسا محاطة بملائكة تنثر أحاسيس جياشة التي أعطتها توازنا جماليا ساحرا. وقد زاد هذا الرقي الذي اتسمت به أغنية " أتذكرني " لمسة سحرية من أنامل أحد أهم الموزعين الشباب الأستاذ يونس الخزان الذي قام باتقان بالتوزيع والتنفيذ الموسيقيين. وقامت بترجمة النص الشعري الأستاذة لنا خلف من ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية .

وبالرجوع إلى البناء الموسيقي للأغنية، اتضح بشكل ملموس قراءة الرائد عبد الواحد التطواني للنص الشعري قراءة فلسفية جيدة ، حبث أعطى لكل كلمة مكانها السحري بين الجمل الموسيقية المختارة ، نستشف شخصية الملحن وقدرة تعامله مع الكلمة الصادقة التي لها دلالات إنسانية عميقة، كأنه كان متواجدا مع الشاعرة العزيزة الشمشام بمحرابها وهي تحاول إخراج عسل كلماتها من الشهد الذي تحيط به ملكة النحل وجنودها، مقدمة الأغنية جاءت على شكل مناجاة ممزوجة بمعاناة الحبيبة ومحاولاتها لمحاورة ظل حبيبها( أحاور ظلك في يومي وأمسي). وعندما تستمع إلى الجملة الموسيقية الأولى تستنبط مذى قدرة الملحن على ملامسة هذه الأشعار من خلال تفاعل الالات الموسيقية ( الكمان على الخصوص) في شكل مداعبة وترجي ، مع الإبقاء على إيقاع سلس ، يؤدي بانسياب إلى فضاءات ناعمة, وعندما تطلب الحبيبة من حبيها وتترجاه لكي يستمع إلى همسها، هنا تظهر عبقرية الرائد عبد الواحد التطواني في التعبير عن الجملة الفلسفية بذكاء بحيث إن الإستماع إلى همس الحبيب يتطلب مجهود ا نفسيا عميقا ، وهو ما اختزله التطواني في جملة بسيطة لكن محتواها الموسيقي والشاعري كبير جدا، مضيفا لمسته الصوتية الراقية. لقد وجد الرائد التطواني ضالته في هذه القصيدة ،أنا جد متيقن أنه أحبها إلى حد الجنون، وهذا مايدل على المنعرجات اللحنية التي وضعها فناننا وتماهت مع الكلمات الراقية، ليصل إلى الأرض المنبسطة، خالقا تموجات صوتية تلاعب أذاننا وقلوبنا , على العموم استطاع الفنان عبد الواحد التطواني أن يدخلنا إلى عالمه الخاص المليء بالمفاجأت , عالم الزمن الجميل. شكرا أيها الرائد.