ثقافة وفن

الموسيقى اليهودية المغربية.. فسيفساء رائعة في الجمال الموسيقي

متابعة عن موقع "دوزيم" - عبد المومن محو الأربعاء 23 ديسمبر 2020
Ep571-JWwAEKPMe
Ep571-JWwAEKPMe

AHDATH.INFO

في واحدة من أشكال التعايش في المغرب، نجحت الموسيقى اليهودية في ترك بصمتها في الغناء المغربي من خلال ما أنتجته أسماء بارزة من الفنانين  المغاربة اليهود  من أعمال ما زالت من الذاكرة.

رصيد حافل من الأغنية اليهودية المميّزة، أغنت الساحة الغنائية والثقافية المغربية بشكل عام، بفضل جهود رواد هذا النوع الغنائي، أمثال "زهرة الفاسية"، التي رأت النور بمدينة صفرو في بداية القرن الماضي، ثم ابن مدينة آسفي "سالومون أمزلاك" المعرف فنيا بسامي المغربي، إضافة إلى "حاييم بوطبول" و"ريموند البيضاوية"، وغيرهم كثير من نجوم الغناء المغربي اليهودي .

وتعود أصول انتشار الغناء اليهودي  وفق ما يذكر الباحث والإعلامي، محمد الصقلي، في كتابه "اليهود في الغناء المغاربي والعربي"، إلى كونه "آت من صميم الاهتمام بالتراث الموسيقي الاندلسي، الذي وفد أصلا مع العرب واليهود المهجّرين من الأندلس والذين صاروا من شعوب بلدان شمال إفريقيا".

فمع حملات التّهجير التي تعرض لها اليهود والمسلمون من أرض الأندلس، أقامت جالية من اليهود الأندلسيين في المغرب، حاملة معها تألّقا يهوديا مميّزا في التأليف والغناء الموسيقي، ظهر بداية في فنون ذات أصول أندلسية، لتسهم بعدها نخبة من الفنانين اليهود أيضا في تقديم إضافة نوعية للسّجل الموسيقي المغربي.

في هذا الإطار، يرى محمد الحداوي، الباحث في الموسيقى اليهودية، في تصريحه لـ2m.ma، أن الغناء اليهودي هو الذي "غنّاه مطربون مغاربة يهود دون تركيزهم على لون موسيقي واحد".

وأوضح الحداوي، أن هذا الغناء يعدّ فعلا "مزيج من الموسيقى الأندلسية، والموسيقى الشعبية، والموسيقى الغرناطية بالخصوص"، لكونها تتميّز بنغم حزين وبكائي على فراق الأرض والأحبّة، مضيفا أن "الأغنية المغربية اليهودية كانت ولا زالت تتداول في الأوساط المثقفة وفي أوساط عائلات مغربية برجوازية".

من جانبه، أوضح محمد الصقلي في مؤلَّفه "اليهود في الغناء المغاربي والعربي"، أن "مكانة اليهود الغنائية لم تتعزّز إلا في بداية القرن العشرين،وذلك بعامل ظهور الأسطوانات وبزوغ المذياع في المجتمعات المغاربية،فكانت لليهود في هذه الدول دور مهم في استحداث أنماط جديدة من الغناء الخاص بالأفراح والاحتفالات العائلية والحفلات الخاصة".

وأبرز الصقلي أيضا، أهمية مساهمة المرأة اليهودية في الأغنية الشعبية، باعتبار دخولها إلى مجال الفن كتابة وإنشادا وأداء ورقصا، "كان عاملا محفزا لانخراط المرأة في نهاية القرن العشرين في العمل على تطور الغناء الشعبي بصفة عامة والغناء العصري الذي استفاد من الرواج التراثي الذي كان يتميّز بالهيمنة الذكورية".

لقد أفرز انخراط الموسيقيين اليهود في الإبداع الغنائي الشعبي، فسيفساء رائعة في الجمال الموسيقي بالمغرب، إذ نجد "إلى جانب المتخصص في طرب الآلة والغرناطي والمالوف، الغناء الخاص بالدين اليهودي المتمثل في الانشاد الديني البوتيم أو البيوط"، كما يذكر محمد الصقلي في كتابه، مردفا "أن هناك من أتقن العزف والإيقاع والغناء في الطقاطيق الشعبية،وأسهموا في بلورة بعض الطبوع الخاصة بهم".

هذه الطبوع مستمرة إلى اليوم في الساحة الغنائية المغربية، سواء مع عدد من الفنانين اليهود المغاربة الذين حملوا مشعل سابقيهم من رواد الأغنية اليهودية في المغرب، أو مع جيل جديد من الفنانين أعادوا غناء قطع من هذا الغناء المغربي.

غير أن محمد الحداوي، الباحث في الموسيقى اليهودية، عبّر عن استيائه من "ترامي البعض على مجال ليس لهم به علم"، ووصف بعض الأغاني التي أعاد بعضهم غناءها بـ"الممسوخة".

ونبّه الحداوي، إلى تقصير الإعلام في تقديمه لـ"الأغنية المغربية اليهودية " الأصيلة، مشددا على أن " المغاربة اليهود أسدوا الكثير للموسيقى المغربية، وساهموا في غناء الخزانة الموسيقية لوطنهم بإنتاجات غزيرة".