الصحراء

"الأحداث المغربية" تكتب عن خطاب 20 غشت: النظر المغربي السديد

بقلم: المختار لغزيوي الاحد 21 أغسطس 2022
883B28F4-1259-4E77-ADAE-2C45EE36EDE8
883B28F4-1259-4E77-ADAE-2C45EE36EDE8

AHDATH.INFO

“وأمام هذه التطورات الإيجابية، التي تهم دولا من مختلف القارات، أوجه رسالة واضحة للجميع : إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات.”

هل هناك جملة أكثر وضوحا من هاته التي وردت في الخطاب الملكي ليوم السبت الأخير تصلح للتعبير عن حزم بلادنا في موضوع وحدتنا الترابية؟؟؟

لانعتقد، أو في الحقيقة، نجزم أنه لايوجد وضوح أكثر من هذا.

وأصدقاؤنا، سواء كانوا تقليديين غير قادرين على مبارحة هاته التقليدانية في الصداقة التي تجعلهم المستفيدين الوحيدين منها، أو كانوا جددا ممن نوع معهم المغرب الشراكات، وقرر بناء جزء صغير أو كبير من السير والمسار معهم، عليهم فعلا أن يفهموها، وأن يفهموا سبب إصرار المغرب عليها

هذا بلد خاض، بسبب مناخ إقليمي خاص من نوعه في سبعينيات القرن الماضي، هذا النزاع المفتعل الذي فرض عليه، والذي يعرف الجميع، وفي مقدمتهم إسبانيا التي راجعت كل مواقفها منه، من كان وراءه، ومن لازال يجعل منه قضية دولة في بلاده، يجيش من أجلها الإعلام الحربي، وينفق من مال شعبه عليها ملايين الدولارات فقط بغرض الإساءة للمغرب.

وهذا بلد استطاع على امتداد نصف قرن أن يصمد - رغم كل الإكراهات - في وعلى موقفه المبدئي الأول والثابت: الصحراء مغربية، وستظل مغربية، وانتهى الكلام.

وهذا بلد بنى ويبني اليوم استراتيجية تطوير ذاته وتنمية مقدراته الذاتية على ماتمثله تلك الصحراء المغربية من خيرات استراتيجية وطبيعية هي حق شرعي لوطننا الذي اختار، بحكمة وذكاء، طيلة كل هاته السنوات أن يدافع عن وحدته الترابية بقوة وأن يبني وينمي ويطور في الوقت ذاته تلك المنطقة العزيزة علينا، وأن يغيرها من حال إلى حال.

ويكفي، ولو أن المقارنة عيب حقا في هذا المجال، أن يشاهد المتابع الوضع اللاإنساني في تندوف، وأن يقارنه بالنهضة الحضارية والعمرانية والاقتصادية لكل مدن صحرائنا المغربية، لكي يعرف ويفهم كل شيء.

الآن أصدقاؤنا هم الذين يجب أن يفهموا أن المغرب أصبح يربط كل شيء بتعاملهم في قضية وحدتنا الترابية المقدسة هاته.

وهذا حق لنا ثابت لايستطيع أحد أن يناقشه. وهذا أضعف الإيمان حين يتعلق الأمر بالأوطان ووحدة الأوطان. واسألوا الأصدقاء في فرنسا مثلا إن حدثتهم يوما عن séparatisme كيف سينتفضون، واسأل الأمريكان والإسبان والكنديين وكل دول الدنيا إن طرحت موضوع الانفصال فيها، واعتبرته نقاشا يتقبل الرأي والرأي الآخر، كيف سترد.

بل إسأل الجارة الشرقية القريبة منا، الشقيقة الجزائر، عن القبايل وحكايتها، وستعرف أن موقف المغرب هو الأصح، وأن من يقول بصداقتنا عليه أن يثبت هذا القول بالعمل، وإلا فإنه كاذب.

هذه واحدة صنعت فرح المغاربة بخطاب تخليد الذكرى 69 لثورة الملك والشعب. أما الثانية، وقد صنعت هي الأخرى فخرا مماثلا فكانت عن مغاربة العالم، امتدادنا في الدنيا كلها.

قال جلالة الملك "يبقى حجر الزاوية في الدفاع عن مغربية الصحراء. هو وحدة الجبهة الداخلية والتعبئة الشاملة لكل المغاربة، أينما كانوا، للتصدي لمناورات الأعداء.

ولايفوتني هنا، أن أوجه تحية إشادة وتقدير، لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، الذين يبذلون كل الجهود للدفاع عن الوحدة الترابية، من مختلف المنابر والمواقع، التي يتواجدون بها."قبل أن يضيف جلالته "والمغرب والحمد لله، يملك جالية تقدر بحوالي خمسة ملايين، إضافة إلى مئات الآلاف من اليهود المغاربة بالخارج، في كل أنحاء العالم.

ويشكل مغاربة العالم حالة خاصة في هذا المجال، نظرا لارتباطهم القوي بالوطن، وتعلقهم بمقدساته، وحرصهم على خدمة مصالحه العليا".

هاته الحالة الخاصة هي حالة مغربية ملكنا نحن وحدنا دون بقية خلق الله في الأرض كلها.

يخرج المغاربة من المغرب ولايخرج المغرب منهم. يغادرون الوطن فيسكنهم إلى الأبد. يعيشون في بلاد الناس كلها، وحين الاستراحة الأبدية لايرغبون إلا في النوم مرة أخرى وأخيرة في تراب هاته الأرض المباركة.

وحتى أبناء الجيل الثاني والثالث وبقية الوافدين الجدد، ممن لايعرفون عن المغرب إلا حكايا الأجداد، وزيارات العطل إلى "البلاد"، تجدهم أول من يطبق منطوق الشعار " هب فتاك، لبى نداك"، كلما طلب منهم المغرب ذلك.

لهؤلاء في أعناقنا حقا دين الامتنان الكبير، وعلى وطننا أن يفهم توجيهات جلالة الملك، وأن يجعل مغاربة العالم الدين لايبخلون بأي شيء على بلادهم شركاء كاملي الشراكة في كل خطواتنا المستقبلية.

هم سواء كانوا في أوربا أو في أمريكا أو في الدول العربية أو في إفريقيا، أو كانوا مغاربة يهودا في إسرائيل، يعتبرون دوما أنفسهم في خدمة البلاد التي يتحدرون منها، والتي يعتزون بالانتماء الدائم لها، مهما تفرقت بهم السبل، وأينما حطت بهم الرحلات.

هم فخر حقيقي لنا وإضافة كبرى لاتتوفر لدول عديدة، بل ربما هي فعلا حالة خاصة تحمل جنسية وانتماء المغرب فقط.

لذلك لامفر من جعلها نقطة قوة في صف الدفاع عن مصالح وطننا، ولابديل عن إشراكهم بالشكل الذكي والحكيم الذي طالب به جلالة الملك في خطابه السبت الماضي.

هذا عن الأولى والثانية، أما الثالثة وهي ضرورية أيضا، فالاعتزاز التام والكامل بشعور الناس بعد الخطاب، وترديدهم للازمة التي يقولونها عن محمد السادس بأنه "يتقن الحديث باسمنا وبلسان قلوبنا وعقولنا".

هاته أيضا لاتوجد إلا في هذا المكان الخاص المسمى المغرب.

لنتأمل فيها هي أيضا ولنواصل التفكير، ومعه لنواصل أيضا العمل الكثير، فهذا البلد المبارك العظيم يستحق فعلا كل التضحيات….