ثقافة وفن

الذكاء الجماعي.. سلاح جديد لمواجهة الإرهاب

محمد أبويهدة- تصوير محمد وراق السبت 11 يونيو 2022
Screenshot_20220611-125601_WhatsApp
Screenshot_20220611-125601_WhatsApp

AHDATH.INFO

التأسيس لصيغة جديدة لمواجهة الإرهاب هو مضمون المؤتمر الدولي الثاني، الذي ينظمه المرصد المغربي حول التطرف والعنف بشراكة مع منظمة الإيسيسكو منذ الأربعاء الماضي وعلى مدى ثلاثة أيام.

الذكاء الجماعي، الذي دعا المؤتمر إلى تفعيله واستعماله كسلاح في معركة التطرف، اعتبره الدكتور سالم محمد المالك، مدير الإيسيسكو، وسيلة وغاية في نفس الوقت، مؤكدا أن منظمة العالم الإسلامي للتربية والثقافة والعلوم باعتمادها هذا المنظور فهي تنطلق من رؤية شديدة الوضوح في جعل مهمتها منصة تتمخض عنھا أفكار وخطط محكمة في مجابھة تیارات التطرف من موقع إشاعة الوعي والإدراك. وأبرز المالك أن مرامي الذكاء الجماعي تفرضها الحاجة الملحة لبناء سياسات وآليات مشتركة بين مختلف ذوي المصلحة.

موضوع «الذكاء الجماعي في مواجهة الإرهاب وبناء إستراتيجيات مكافحة التطرف العنيف والوقاية منه»، الذي يناقشه المؤتمر، يجد أسبابه في كلمة رئيس المرصد المغربي حول التطرف والعنف، مصطفى الرزرازي، الذي يؤكد أنه على الرغم من الجهود المبذولة فمازالت هناك اختلالات على مستوى التعاون الدولي، ما يفرض التأسيس لمفهوم جديد هو الذكاء الجماعي، الذي يسمح بالدفع بسبل جديدة للتعاون بين الشمال والجنوب.

وأبرز الرزرازي أن المؤتمر يرتبط أيضا بوعي المملكة بعقيدة التعاون الأمني، وهو ما يبدو واضحا من خلال جهودها في الإستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف والإرهاب، وانخراطها التام وتعاونها الراسخ مع دول غربية وإفريقية وعربية وحتى أسيوية لمواجهة الإرهاب.

وأوضح الرزرازي أن تنظيم المؤتمر يأتي بالموازاة مع تخليد عشرين سنة على أول قرار لمجلس الأمن الدولي بشأن أحداث 11 شتنبر بواشنطن، و15 سنة بعد إصدار مذكرة الأمم المتحدة لمحاربة الإرهاب، وعشر سنوات بعد تأسيس المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب.

رؤية جماعية موحدة

أكد حبوب الشرقاوي، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أن التصدي للإرهاب والتطرف العنيف يتطلب بذل المزيد من الجهود واعتماد رؤية جماعية موحدة وشمولية في التنسيق وطنيا ودوليا.

ودعا الشرقاوي إلى وضع تصورات تقوم على الذكاء الجماعي لإيجاد صيغ جديدة وبديلة من شأنها بلورة المزيد من الحلول والتوعية بالمخاطر وتعزيز الكفاءات لمحاربة الارهاب.

وأشار الشرقاوي إلى أن المغرب وضع استراتيجية شاملة تحت قيادة جلالة الملك تشرك كل المؤسسات الأمنية والقضائية والدينية والسياسية والثقافية، فضلا عن التعاون الدولي والشراكات.

ودعا الشرقاوي إلى الاستعانة بنماذج متطورة لمكافحة التطرف، تقوم على الذكاء الجماعي لتجاوز المعيقات وإيجاد صيغ مثلى نموذجية بديلة من شأنها توحيد الرؤى والمقترحات والأفكار وتصب في القضاء على نزعة التطرف عبر التوعية بالمخاطر وتعزيز الكفاءات المشتركة في مجال مكافحة الإرهاب.

وأكد المسؤول الأمني أن التنظيمات الأمنية مازالت قادرة على التكيف مع التغييرات الاستراتيجية وتسعى لإطالة وجودها عبر توسعها لاسيما إفريقيا ودول الساحل والصحراء، مستغلة في نشر إيديولوجيتها التكنولوجيا المتطورة.

ولم يفت الشرقاوي التأكيد على ضرورة مواصلة التعاون والتنسيق المتواصل بين مختلف الأجهزة والمصالح التقنية المختصة، وتبادل تدبير المعلومات الاستخباراتية بطريقة احترافية.

من جهة أخرى، أبرز حبوب الشرقاوي الدور الذي تقوم به المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، التي ينتمي إليها المكتب المركزي الذي قام لحد الآن بتفكيك 86 خلية إرهابية منذ 2015، في الوقت الذي تم فيه وضع حد لنشاط 213 خلية منذ بداية التهديدات الإرهابية.

إشادة بالتجربة المغربية

أشاد القائم بأعمال المدير التنفيذي للمديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة، وينكزيون شين، بالجهود التي يبذلها المغرب في مكافحة الإرهاب، وقال إن المغرب كان من بين الدول الأوائل التي وضعت استراتيجية شاملة جمعت الجانب الأمني والديني والسياسي والمجتمعي والتربوي، مؤكدا أن التجربة المغربية مفيدة لكل الدول الأخرى ومذكرا بالزيارة التي تمت في 2019 من أجل الاطلاع على مجهودات المغرب في هذا الإطار.

وشدد المسؤول الأممي على أن كل مقاربة لمحاربة الإرهاب عليها أن تكون في إطار التعاون، داعيا الدول إلى تعاون مشترك ودائم.

وقال وينكزيون إن مكافحة الإرهاب هو تحد كبير تخوضه مديريته منذ تأسيسها، مشيرا إلى أن التنظيمات الإرهابية تعيد انتشارها باستمرار في مناطق النزاع.

 

وذكر المسؤول الأممي الذي كان يتحدث عن بعد أن الجائحة أثرت كثيرا على الدول الإفريقية وهو ما يزيد حدة المشاكل الاجتماعية، التي قد تذكي العنف، لاسيما أن المنظمات الإرهابية تنتعش في مناطق التوتر، وهو ما يفرض على الدول مواصلة مجهوداتها في إطار جماعي للتصدي لهذه الظاهرة والوقاية منها.

ولم يفت المتحدث أن يذكر بالمقاربة الحقوقية، معتبرا أن المجتمع المدني شريك أساسي في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة من خلال الحوار.

وفي نفس الاتجاه سار كارلوس مونتيرو، رئيس مكتب الامم المتحدة لمكافحة الارهاب والتدريب في إفريقيا، عندما أكد وعي المملكة المغربية بالتهديدات الإرهابية من خلال استضافتها للمكتب على أرضها من أجل الرقي بالتعاون الدولي لمكافحة الإرهاب. وقال إن المغرب ينخرط في التوجهات الأممية لمكافحة الإرهاب وفي تدريب الدول الإفريقية وتوفير المعرفة لمعالجة قضايا الإرهاب.

وقد تم إحداث المكتب بالمغرب ليكون منصة إفريقية لتقديم التدريب المناسب للدول، وتعزيز القدرات والدعم التكنولوجي وتنفيذ مشاريع إدماجية، حيث تم تقديم برامج لتقوية الدول الأعضاء والتي استفادت منها العديد من الدول الإفريقية وتبني عقيدة موحدة تعتمد على إنفاذ القانون ومحاربة الأنشطة التي تشجع على الإرهاب.

تأهيل خارج السجن أيضا

وفي كلمة مؤسسة محمد السادس لإدماج السجناء قدم المنسق، عبد الواحد جمال الإدريسي، عرضا حول دور المؤسسة في تأهيل السجناء، مؤكدا أن هذا الدور يمتد أيضا ليطال الأسرة خارج المؤسسة السجنية، باعتبار عزلتها معتبرا أن الوقاية من التطرف لا تنحصر في الفضاء العقابي بل تعزز مكانته داخل المجتمع وتعمل على تعزيز ثقة السجين في المؤسسات ليعود بشكل سلس إلى أحضان المجتمع وجعله منتجا ومؤهلا ومساهما في الدورة الاقتصادية.

وأكد الإدريسي أن مؤسسة محمد السادس واعية بأن الذكاء الفردي والموهبة والملكة لا يمكن وحدها أن تصنع ذكاء جماعيا، لذلك فإنها تابعت تجارب دولية في أمريكا الشمالية واليابان وإيرلندا التي اعتمدت استراتيجيات جماعية لمحاربة هذا الفكر العنيف.

وقال الإدريسي إن المؤسسة من خلال دراسة حالة 900 نزيل سابق أدينوا في قضايا لها علاقة بالإرهاب، عمدت إلى تشخيص هذه الحالات على يدي خبراء متخصصين، فانسحبت إلى تنظيم ورشات تأهيلية واشتغلت مع الإعلام والأطباء النفسيين والمساعدين الاجتماعيين.

قراءة في القرار 1373

من جهته نبه محمد لوليشكي، السفير السابق والباحث بمؤسسة سياسات الجنوب الجديد، إلى أن ظاهرة الإرهاب تتجدد وتحاول باستمرار ابتكار طريق جديدة، مشيرا إلى أن الظاهرة تفاقمت باستعمال التكنولوجيا الجديدة واستغلال الشراكات مع شبكات تبييض الأموال والاتجار في البشر وتهريب الأسلحة...

ولم يفت لوليشكي الإشارة إلى أن اللقاء الدولي الأخير حول الإرهاب، الذي نظم بمراكش أثار مشكل ارتباط الإرهاب بالانفصال، مؤكدا أن القضاء على الإرهاب بات يشكل تحديا كبيرا بالنسبة للمجتمع الدولي.

وتناول لوليشكي بالتحليل السياق الذي تمت فيه المصادقة على القرار الأممي 1373 الخاص بالإرهاب وقال إنه جاء بعد اعتداءات نيويورك في شتنبر 2001، لكن كانت للأمم المتحدة قبل ذلك جهودا متعددة لمحاصرة الإرهاب، غير أن الصعوبات ظهرت آنذاك خلال محاولة تعريف ظاهرة الإرهاب.

يضيف السفير المغربي السابق أن دول الغرب كانت تريد إدانة الإرهاب كيفما كانت تمظهراته، في حين أن الدول النامية كانت تنبه باستمرار إلى ضرورة التمييز بين مقاومة الاستعمار ومحاربة الإرهاب.

وفي إطار صعوبة التعريف بدا الفرق واضحا بين الإرهاب الفردي والإرهاب ضد الدول، لذلك سعى المجتمع الدولي لإيجاد سبل إحراز تقدم في مكافحة الإرهاب من خلال آليتين، الأولى هي إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي لم يكن ملزما للجميع لكن رغم ذلك تم تبنيه.

والثانية هي تبني اتفاقيات قطاعية مختلفة تهم مجموعة من المجالات كالإرهاب البحري وحجز الرهائن وتمويل الإرهاب.

لكن الأمور تغيرت بشكل ثوري بعد اعتداءات نيويورك حيث صدر القرار الأممي، الذي لا يعتبر اتفاقية لكنه كان ملزما وأكثر فعالية من حيث أنه صدور الإدانة من طرف جميع رؤساء الدول، وكان للقرار تأثير سريع ودولي وأصبحت الدول ملزمة بتبني استراتيجيات شاملة لمكافحة الإرهاب.

وأشار لوليشكي إلى أنه أيضا كانت هناك أليات أخرى من قبيل الانخراط في التعاون الدولي وتعزيزه وتبني أليات لمحاربة الإرهاب والحرص على سيادة القانون.

وأكد أنه في النهاية جميع الدول تبنت التعريف الذي يناسب تشريعها، موضحا أن تحليل أكثر من 500 تقرير حول الموضوع يشير إلى أنه كان هناك فراغ على مستوى التعريف، الشيء الذي سمح بوقوع تجاوزات فيما يخص احترام حقوق الإنسان.

وخلص لوليشكي إلى أنه لا توجد استراتيجية فعالة لمحاربة الإرهاب وكيفما كانت متطورة إذا لم تتم مصاحبتها بالتعليم واحترام كرامة الإنسان وتعزيز التعاون الدولي بدون تحفظات، متمنيا من الدول الاهتمام بالتحديات المناخية بنفس الدقة التي تهتم فيها بظاهرة الإرهاب، لاسيما أن هذه التحديات تعاني منها بشكل أدق القارة الإفريقية.

أسلحة معرفية

بالنسبة للرابطة المحمدية للعلماء فإن جميع الأسلحة المعرفية صالحة لمكافحة الإرهاب وتفكيك خطاب التطرف. الدكتور محمد بلكبير، مدير مركز الدراسات والبحوث والقيم بالرابطة، قدم عرضا اعتبر فيه أننا لم نعد اليوم أمام تنظيم واحد يدعى داعش بل أمام دواعش ومنظمات إرهابية كثيرة، وهذا التناسل أعطى لكل منظمة سمات وخصوصيات، وهو ما يدفع إلى استنفار الذكاء الجماعي لمحاربة هذا الفكر.

وأبرز أن خطر التنظيمات الإرهابية هو اختراق المجتمع، ذلك أن هذه التنظيمات استطاعت التسلل إلى السجون من خلال دس أعضائها بين سجناء الحق العام لاستقطابهم، وهو ما دفع إلى العمل على تمنيع هؤلاء السجناء.

وكشف بلكبير أن الإرهاب ليس سوى جزء من سلسلة من الحلقات تمر من التطرف إلى العنف والتكفير، ومن هنا جاء سعي الرابطة المحمدية للعلماء في إعادة بناء مجموعة من المفاهيم التي يستغلها المتطرفون، وذلك بناء على الذكاء الجماعي في إطار التعاون لاسيما بعد حدوث الوعي الجمعي بالظاهرة.

لذلك فقد شحذت الرابطة كافة أسلحتها المعرفية ولم تكتف بالمقاربة الدينية بل تجاوزتها إلى مقاربات متعددة تدمج السيكولوجي بالسوسيولوجي، بل إن المتحدث خلال مداخلته استعان بلغة الرياضيات والإحصائيات في سبيل تفكيك الخطاب المتطرف.

وبدأ بلكبير بالحسم مع المفاهيم عندما اعتبر التطرف خروجا عما اتفقت عليه الأمة، وأن الإسلام دعا لتجاوزه باعتباره نقيضا للوسطية والاعتدال.

وأكد أن التطرف يولد الإرهاب حينما يشتد وهو عبارة عن مجموعة من الطرائق والأساليب غير السوية، ويرتبط بأفكار بعيدة عما تعارف عليه الناس في معيشهم اليومي سياسيا ودينيا واقتصاديا واجتماعيا.

وحسب المتحدث، فإن التنظيمات الإرهابية تستخدم هذا السلوك المرضي وتلجأ لآليات العنف والقوة والقسوة، فصناع الإرهاب يستندون في عملية الاستقطاب إلى منظومة فكرية وثقافية تسوغ أعمال العنف وتحاول تبريره شرعا. والمتطرف في اعتقاده دائما أنه يسعى إلى إعادة قيم المجتمع الإسلامي التي افتقدها وسلبت منه قهرا. وتتم الاستعانة خلال ذلك بشعارات ومقولات تخاطب الغرائز وتحرك العواطف في إطار خلق خرائط ذهنية غير سليمة.

وبخلق هذه الخرائط الذهنية يحدث نوع من التنميط وتحويل الأتباع إلى آلات مجندة يتم التحكم فيها ويصبح الناس بذلك لعبة في أيادي المتطرفين، عبر تلقين مجموعة من المعطيات والمعلومات في مواجهة «العدو» والتحول من محاربة العدو القريب إلى العدو البعيد، والقتل بضمير «مرتاح» وتأويل آيات الجهاد. وتخترق هذه الأفكار الجاليات المسلمة في الدول الغربية لاسيما الفئات الشابة الذين يتحولون إلى أعداء للثقافة الغربية، وكذلك أعداء لثقافتهم الأصلية ما يحدث لديهم فراغا تملأه الثقافة المتطرفة. لذلك يرى بلكبير أنه وجب إعادة هؤلاء الناس إلى السواء من خلال تفكيك الخطاب الراديكالي.

ويقول بلكبير إن صناعة التطرف تقوم على سيكولوجيا الإرهاب عبر تغيير الضوابط السيكولوجية للفرد ومجمل طباعه ودوافعه وتكفيره وقدراته العقلية من خلال حملات الحريض الديني.

ويقوم تفكيك كل ذلك على فهم الخرائط الذهنية موازاة مع تحليل خطاب الكراهية وتقويض خرافة الدولة الإسلامية مبنى ومعنى وتجاوز سطحية تأويل بعض الآيات المؤسسة لمفهومي العدو القريب والعدو البعيد.

جغرافية الإرهاب

ومن فهم ما يدور في ذهن التنظيمات المتطرفة لتفكيك خطابها إلى فهم جغرافية التطرف والإرهاب انتقلت السعودية، ابتهال الطلحي، إلى الميدان لتحلل تحركات هذه التنظيمات في جنوب آسيا وفي إفريقيا جنوب الصحراء.

الطلحي تحولت من الخرائط الذهنية للرابطة المحمدية للعلماء إلى الخرائط الجغرافية وهي تشرح التحرك الأفقي للتنظيمات الإرهابية، التي تستخدم الدين لتحقيق أهداف سياسية على حد قولها.

من هنا تظهر مناطق بديلة لتمركز هذه التنظيمات سعيا لتوسيع نفوذها، وهو تمركز تتحكم فيه عدة عوامل مرتبطة بالتنظيمات نفسها كمحاولتها تعويض الخسائر، التي تعرضت لها في مناطق أخرى ورفع قدراتها التنظيمية والعلمياتية بالتمويل والتجنيد، وهي في ذلك تستغل الفراغ السياسي والأمني بالمناطق البديلة والتوترات الطائفية والعرقية وتدهور مستويات الأمن الشامل. وعلى مستوى ثان تظهر عوامل أخرى تساهم في توسع هذه التنظيمات منها تزايد الأهمية الجيوسياسية وهشاشة نظم الحكم والزيادة السكانية والمشكلات المرتبطة بها.

ولم تتوقف الباحثة ابتهال الطلحي عند حدود الرصد بل وضعت سيناريوهات محتملة بالنزوح نحو المناطق البديلة، منها ظهور كيانات هجينة إرهابية وإجرامية وسيطرة التنظيمات على الطرق اللوجستية للموانئ والممرات الاستراتيجية للتهريب وانخراط الجماعات الإرهابية والإجرامية في أنشطة مشتركة وتكتيكات إرهابية وتطلعاتها نحو السيطرة على الأراضي كهدف استراتيجي.

وتخلص الباحثة إلى أن هذه العوامل تساهم في انتشار الإرهاب المحلي ويصبح الإرهاب أكثر تمركزا من الناحية الجغرافية فتزداد سيولة التنظيمات العنقودية وما يرتبط بها من تحولات في طبيعة الممارسات الإرهابية والتحول في أهداف التنظيمات والجماعات الإرهابية لاستهداف القادة المحليين والمؤسسات الحكومية والعسكرية.

كيف نصنع معا خارطة طريق

في تصريح لجريدة "الأحداث المغربية" قال مصطفى الرزرازي إن اختيار مفهوم الذكاء الجماعي كي يكون موضوعا للمؤتمر الدولي حول الإرهاب يأتي من تقييم لكل تجارب التعاون الدولي والإقليمي والوطني، حيث تبين أنه رغم الجهود وحسن النية والإرادة السياسية لدى العديد من الدول للتعاون فيما بينها على المستوى الأمني والقضائي والاستخباراتي، فهناك مقاومات ليست مقصودة بل بطبيعة الأشياء بين دول قوية مع دول ضعيفة أو دول مستعمرة مع دول مستعمرة سابقا أو بين دول تمتلك التكنولوجيا والعلم ودول لا تمتلكها ودول آمنة وأخرى غير آمنة.

هذه الوضعية، التي نعبر عنها من بالعلاقة بين دول الشمال والجنوب، تشوش أحيانا على التعاون الأمني سواء في تدبير المعلومة أو توحيد المقتضيات الإدارية والقانونية والقضائية أو في الحوار أيضا. والمغرب دعا منذ سنوات إلى أن يكون التعاون الأمني فوق العلاقات السياسية بمعنى أن لا يكون هذا التعاون بين الدول خاضعا للتوتر السياسي، إذ إن كل تأثير في هذا الباب يعد مدخلا من مداخل الجريمة المنظمة والإرهاب.

وضمن هذا الإطار تم الاشتغال على مفهوم الذكاء الجماعي، أي أن نصنع معا خارطة الطريق بدلا من أن نتبادل الخبرات، وهي دعوة إلى أن يكون الانشغال بمكافحة الإرهاب والتطرف شأنا جماعيا مشتركا يكون فيه التعاون متوازنا وعادلا ومشتركا.