رياضة

بلال مرميد يكتب : من كازا لپاري... ألفنا هذا الصمت..

بلال مرميد، إذاعة ميدي1 الجمعة 03 يونيو 2022
D4F275CB-9FF5-4F23-9404-4AFEB0012DD8
D4F275CB-9FF5-4F23-9404-4AFEB0012DD8

AHDATH.INFO

حين نتقن شيئا، نصمت ولا ننبس ببنت شفة. نصير مجتهدين أكثر، حين نخطئ، وحينها نتفنن في جلد ذاتنا وتحقيرها وإذلالها. نبدع فقط في محاسبة أنفسنا بطريقة فيها كثير من إجحاف، ونتفادى المقارنات حين تكون أحيانا في صالحنا. هي عادتنا التي تربينا عليها للأسف الشديد..

استقبلت باريس السبت الماضي نهائي التشامبيونزليغ، وآلت نتيجته كما جرت العادة لريال مدريد. الفرنسيون صاروا فجأة أضحوكة في كل البقاع بسبب هفوات التنظيم، وبعد يومين فقط استضافت الدار البيضاء نهائي التشامبيونزليغ الإفريقي، وعاد اللقب كالمنتظر للوداد الرياضي. تنظيم محكم، وضيوف يكثرون من الكلام، استقبلتهم أرض المغرب. غابت كل الهفوات التنظيمية، وغادرنا جياني إنفانتينو وبقية مسيري الكرة، وغادرنا جمهور الأهلي وقد شاهد بأم عينه كيف روض المغاربة كل الصعاب، ونظموا حدثا جعل عقلاءهم يصفقون، وأخرس المغرب بكرمه ألسنة ثرثاريهم. في ظرف ثلاثة من أيام، سقط الفرنسيون وتفوق المغاربة في التنظيم، وإن كانت ظروف نهائي الدار البيضاء أعقد من نهائي سان دوني. ما الذي حدث فيما بعد؟ صمت رهيب، وقلائل من جهروا بكلمة حق ينوهون فيها بمجهود أبناء البلد. لأن المقارنة تصيبنا بالهلع، فقد تكلف بها أجانب، ومن بينهم فرنسيون، أثنوا على نجاح المغرب في امتحان فشل فيه من ألفوا إعطاء الدروس. لم يتم الاعتداء على الجمهور عندنا كما حدث في باريس، ولم تحدث فوضى التذاكر المزورة كما وقع مع المشجعين الإنجليز عندهم، ولم يتم استعمال الغاز المسيل للدموع كما شاهدنا في فيديوهات تم تداولها على نطاق واسع.

ألفنا هذا الصمت..

ألفنا بالخصوص أن لا نوجه التهنئة لم يتقن عمله، لأننا نخجل من الاعتراف لذلك الآخر القريب منا بنجاحه في مهمته. نتذكره فقط بهواتفنا التي تفوقنا ذكاء حين يخطئ. نجتهد في تصوير فيديوهات نسيء لبعضنا البعض بها، ونوجه اللوم بكل الصيغ الممكنة لذوينا. برامج إخبارية فرنسية استشهدت بتنظيم نهائي الدار البيضاء، ومسؤولون سياسيون كثر هناك في الضفة الأخرى اعترفوا بأن منظمي الدار البيضاء أعطوا درسا لأولئك الذين أشرفوا على إفساد الحفل الكروي بباريس. وحده جوردان بارديلا من اليمين المتطرف خرج ليقول كعادته، بأن ما حدث في باريس يشبه ما يقع أحيانا في مباريات أمريكا اللاتينية وفي إفريقيا. هذه الجملة الرخيصة، تصدى لها إعلامهم، وذكروه بأن نهائي الدار البيضاء كان عرسا كرويا جعل جمهور الغالب والمغلوب، ومعهما سادة الكرة من الضيوف، يغادرون وهم ينوهون بحكمة من نظموا نهائي رابطة الأبطال الإفريقية في المغرب.

طيب، ونحن؟

ألفنا هذا الصمت..

نجد عسرا كبيرا في أن نعترف لأبناء جلدتنا بنجاعة تنظيمهم، ونجد صعوبة كبيرة في القيام بمقارنات حين تكون في صالحنا. المقارنات نتفنن فيها فقط حين نكون على يقين بأننا أخطأنا. بهذا الإيقاع، سنصاب قريبا بما يسمى في علم النفس بالتنافر الإدراكي، وهو أن يكون للآدمي قدرات يدركها كل من يوجد حوله، ويبقى هو جاهلا بها. كلامي هنا لا يعني نهائيا بأن الهفوات تغيب عندنا خلال تنظيم كل الأحداث الكبرى، بل هي فقط إشارة إلى أننا يجب أن نبدع أحيانا في التعبير عن الافتخار بما نقوم به حين نتوفق، تماما مثلما نقصف أنفسنا ومسؤولينا حين نخفق ويخفقون. هنيئا لكل من أشرفوا على تنظيم نهائي الدار البيضاء، وشكرا لهم لأنهم أعطوا درسا بليغا لمن يعطون عادة الدروس. في مثل هذه الحالات، أسرع الخطى للإفضاء بفخر الانتماء لهذا البلد العظيم. هذا هو المغرب الذي أحب، والسلام.