السياسة

منير القادري: الدبلوماسية الملكية الروحية مدخل للسلم العالمي

AHDATH.INFO الاحد 24 أبريل 2022
WhatsApp Image 2022-04-24 at 03.04.44
WhatsApp Image 2022-04-24 at 03.04.44

AHDATH.INFO - محمد كريم كفال

تصوير : ابراهيم بوعلو

نظمت مؤسسة الملتقى، الجمعة الماضية، بمقر جهة الدارالبيضاء بحي الأحباس، ندوة وإفطارا حول موضوع القيم الروحية والأخلاقية ودورها في ترسيخ ثقافة التعايش والسلام. وعرف هذا اللقاء حضور عدد من المثقفين والمفكرين وممثلي الطوائف الدينية والفاعلين والأساتذة الجامعيين وممثلي البعثات الدبلوماسية والسلك الدبلوماسي، مثل الباحثة أسماء لمرابط والأسقف الفرنسي، كريستوف روكو، إضافة إلى الدكتور ميشال طاو شان، رئيس ومؤسس «مجموعة التفكير حول القضايا الأممية»، والدكتور سعيد بيهي، رئيس المجلس العلمي المحلي بالحي الحسني، والأستاذ أمين الغيدي، الخبير الدولي المتخصص في الدبلوماسية الاقتصادية واستراتيجيات التنمية، والدكتور محمد اشتاتو، أستاذ العلوم التربوية في جامعة الرباط.

واستهل الدكتور منير القادري بودشيش مداخلته، التي تمت عن بعد، بالحديث عن النظام الأخلاقي، الذي اعتبره حقيقة اجتماعية تميز المجتمعات البشرية وأن الديانات السماوية تشترك في القيم الإنسانية الكفيلة بإقامة جسور من التعارف والتفاهم والتلاقح بين شعوب وأجناس العالم في إطار المشترك الإنساني، الذي يعتمد على المنطق العقلي والحوار المثمر، من أجل تدبير الاختلاف وترسيخ ثقافة التسامح والتعايش وتمثين العلاقات مع الآخر المخالف. وأضاف رئيس مؤسسة الملتقى أن هذه القيم الكونية قادرة على التأثير إيجابا في الثقافة والحضارة الإنسانية في جميع مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية وإعمار الأرض بالفعل الحضاري ومساعدة الإنسان على تأدية وظيفته الاستخلافية في الأرض على أكمل وجه.

واعتبر نجل شيخ الطريقة القادرية البودشيشية أن قضية التربية على القيم الروحية والأخلاقية أضحت ضرورة ملحة وغاية أساسية، لتكوين مواطن صالح مؤمن بثوابته الوطنية والدينية والثقافية، منفتح ومرن في تعامله بعيدا عن التعصب والتطرف، مؤكدا أن التربية الأخلاقية تسعى إلى إحداث التغيير المرغوب فيه في تكوين الوعي الديني والحس الوطني السليم لدى الشباب. وأوضح الدكتور منير القادري أن هدف التربية الأخلاقية هو تحول الأخلاق والقيم من بعدها الروحي إلى التربوي العملي، ثم إلى عملية بناء شاملة لحياة الفرد والمجتمع، قائمة على مبدأ المعاملة بالحسنى والمفاضلة في حسن الخلق، فـ«الدين المعاملة» كما قال النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم). وتابع رئيس المركز الأورو - متوسطي لدراسة الإسلام اليوم أن المعاملات تمثل جوهر خلاصة الإسلام ومراقبة العبد لنفسه أساس السلوك الحق وتعبير عن الاستقامة الخلقية - النفسية - المعنوية.

وقال رئيس مؤسسة الملتقى إن التصوف باعتباره أحد ثوابت الهوية الوطنية الدينية كان يهدف دائما إلى غرس مقام المراقبة في النفوس، فـ«المراقبة أساس المحاسبة، وهي أساس التزكية التي تبقى أساسا للسلوك والإحسان وذلك كله، في إطار تقديم خدمة شمولية للرقي الحضاري والتربية على المواطنة لبناء شخصية الإنسان المتكامل النافع لمجتمعه وتحقيق التنمية المستدامة المادية في ظاهرها والروحية في باطنها»، يقول الدكتور منير القادري.

وشدد الدكتور منير القادري بودشيش، في ختام مداخلته، على أهمية الأفق الاستشرافي لمنظومة القيم، الذي يمكن أن يضمن للمغرب مكانته الرائدة في العالم المعاصر بعد جائحة كورونا، كما اعتبر أن التصوف المغربي السني يشكل رافدا للمحبة والأخوة الإنسانية ودعامة لتحقيق السلم والتعايش والتسامح بين الديانات والأجناس والعلاقات بين الشعوب والتأسيس للتعاون المثمر الاقتصادي والثقافي وتبادل الخبرات وحماية الأرواح والنفوس وزرع بذور الأمن والسلام، عبر دبلوماسية روحية يرأسها جلالة الملك وأمير المؤمنين، والذي اتسمت جميع قرارته بالحكمة وبعد النظر، وهي الدبلوماسية التي هدفها الصالح العام للإنسان ونهضة الأوطان، من خلال احترامه مختلف الشعوب مترفعا عن سفائف الأمور.

 وأجمع باقي المتدخلين، من جانبهم، على ضرورة إبراز أهمية القيم الروحية والأخلاقية ودورها في ترسيخ ثقافة التعايش والسلام وبناء جسور التعارف بين الشعوب في ظل عالم تغلب عليه النزعة المادية المتوحشة. وفي هذا الإطار، شدد المتدخلون على أهمية القيم الروحية والأخلاقية في بناء الفرد والمجتمع والمشترك الثقافي الإنساني واحترام الاختلافات من خلال التركيز على التكامل بين ثالوث الدين ومنظومة الأخلاق وقيم الحداثة.

وتم إحداث مؤسسة الملتقى، في عام 2015 بمدينة بركان، بهدف تنمية القيم الصوفية والسلوك النبيل، وجعلها فضاء حقيقيا لتبادل المعارف المرتبطة بالبعد الروحي للإسلام، في كل سنة تتيح مشاريع المؤسسة التفكير في علاقة التصوف بسياقه، ودراسة إلى أي مدى يمكن للتربية الصوفية أن تساهم في مساعدة الإنسانية خلال أزماتها، من خلال العمل على نشر ثقافة السلام والتقارب بين الحضارات. وتسعى المؤسسة التي يرأسها الدكتور منير القادري بودشيش إلى التعريف بالقيم الصوفية وإبراز البعد الداخلي والروحي للإسلام.

وتركز مبادرات المؤسسة على تحقيق أهداف تربوية ودينية واجتماعية وثقافية، وتشجيع أي عمل يعزز التوازن الأخلاقي والاجتماعي بمقاربة بنائية. وتدعم مؤسسة الملتقى كل سنة ثلاث مبادرات مهمة: الملتقى العالمي للتصوف، القرية التضامنية، والجلسات الإسلامية الخاصة بالبيئة. من خلال تقديم التصوف في سياقه المجتمعي الحالي، وإشراكه في عمليات الحوار والتبادل بين الحضارات، تقدم هذه المبادرات وجهات نظر جديدة حول الثمار الأخلاقية للتربية الصوفية.