آراء وأعمدة

اليسار المهزوم!

طه بلحاج الاثنين 20 سبتمبر 2021
ELECTIONS
ELECTIONS

AHDATH.INFO- حكيم بلمداحي

تتسارع وتيرة تشكيل الأغلبية الحكومية، وقد بدأت بوادر تتجه نحو تشكيل أغلبية حكومية ليبرالية مع ترك المكونات الأخرى منها اليسار في المعارضة.

هل يعتبر الأمر محاولة لتشكيل أقطاب بالشكل التقليدي يمين يسار؟ وهل سينجح ذلك؟ الجواب سيأتي به القادم من الأيام، والأمر أيضا رهين بوجود هذه الأقطاب أصلا على أرض الواقع. وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال اليسار في المغرب. والقصد من اليسار هنا ما كان يسمى باليسار الجذري.

لقد اهتم الإعلام بشكل كبير بالكبوة التي حصلت مع حزب العدالة والتنمية، ولم يكن هناك اهتمام كبير بهزيمة اليسار المخجلة. لقد كان من الممكن أن يكون لرفاق نبيلة منيب مكانة في المشهد البرلماني لولا ما حدث في اللحظات الأخيرة من الاستعداد للانتخابات.

كان من الممكن أن تحصل فيدرالية اليسار على مقاعد تخول لها خوض غمار التجربة في معارضة وازنة يسمع الناس صوتها ويتعرفون على أفكارها ويتم التأسيس للقادم من الاستحقاقات الانتخابية. غير أن أنانية الرفاق وحساباتهم الضيقة جدا بعثرت الأوراق ودخلوا منقسمين فشتتوا أصواتهم ودخلوا للحملة الانتخابية ضعفاء بتصدع الجبهة الداخلية فكانت النتيجة مقعدان يتيمان لن يشكلا أكثر من ضجيج الشعبوية في الجلسات العامة بالبرلمان.

من يتحمل المسؤولية في ما وقع؟ الذي يتحمل المسؤولية أكيد أنه أخلف الموعد مع التاريخ. هذه حقيقة سيتم تدوينها كعنوان للمرحلة. رفاق نبيلة منيب يحملون المسؤولية للساسي وأصحابه في الجهة الأخرى على أساس أنهم كانوا متعنتين وكانت لهم حساباتهم ونبيلة منيب لم تقم سوى بالدفاع عن نفسها. رفاق الساسي يحملون المسؤولية لنبيلة منيب متهمين إياها بالسطو على الحزب وإفراغه تنظيميا من الأصوات المعارضة لها وذلك في سبيل ولوجها للبرلمان عبر اللائحة الجهوية.

طبعا كل طرف يقدم تبريراته وهي تبريرات واهية فيها الكثير من المراهقة السياسية لأنه كان بالإمكان تفادي ما وقع بالحوار والتفاوض والوصول إلى حل يرضي الطرفين معا. لكن ما وقع وقع والهزيمة كانت حتمية. أسئلة متروكة للقادم من الأيام ليجيب عليها: هل يمكن الحديث عن المستقبل بشكل يتجاوز النزعات الشخصية والطموحات المرضية؟ ألا يمكن المرور إلى المهم من الأسئلة وخلق شروط الإجابة عنها بروح النضال الحقيقي النزيه لكن البراغماتي أيضا؟

أليس المغرب اليوم في حاجة إلى اليسار؟ وهل هناك من توجه سياسي يمكنه خدمة الجانب الاجتماعي أكثر من اليسار؟

هذه الأسئلة تجد مبرراتها من الواقع المغربي. اليسار اليوم مطالب بمعالجة أعطابه التي حملها معه منذ سنوات إذا أراد أن يقوم بدوره التاريخي في بناء مغرب متطور بإمكانياته وبأبنائه في إطار ديموقراطية تشاركية حقيقية يكون فيها صوت كل فئات المجتمع ممثل ومسموع وموجود في المؤسسات.

من أجل ذلك على اليسار أن يتخلى أولا عن تعاليه وينزل إلى أرض الناس..

عليه أن يعيد إنتاج جهازه المفاهيمي.

عليه أن يعترف بأن جدار برلين انهار وأان الشيوعية بمفهومها القديم لم تعد قابلة للتحقق الآن على الأقل.

لكن عليه بالأساس أن يملك إجابات لمتطلبات سياسية واجتماعية واقتصادية قائمة.

عليه أن يمتلك إجابات لكيفية رفع معدل النمو الاقتصادي، إجابات للمعضلات الاجتماعية.

إجابات عملية لقضايا التعليم والثقافة تقوم على العقلانية والمعرفة العلمية والعقل الشعبوي كما يسميه ارنيستو لاكلو، عقل ينزل من خلاله المثقف إلى الواقع ويتقدم دينامية مجتمعية ضاغطة وواعية وحيوية تنشد البناء الفعلي لمغرب يسع كل أبنائه حرية وكرامة وعيش كريم.

هذا هو اليسار المأمول. أما اليسار بتمثلاته الحالية وبارانويا أبنائه وطوباوية أحلامه فقد عفا عنه الزمن ولم يعد صالحا..