ثقافة وفن

الدكتور محمد اتركين يكتب : ظِل باراك أوباما ... والانتخابات الرئاسية الأمريكية

أحداث انفو الاحد 01 نوفمبر 2020
1412661208_bidenobama
1412661208_bidenobama

Ahdath.info

لا يحفظ الدستور الأمريكي أي مكانة مؤسساتية لرؤساء الجمهورية السابقين، على عكس مثلا الدستور الفرنسي الذي يجعل منهم، بقوة الدستور ولمدى الحياة، أعضاء بالمجلس الدستوري ... فالرؤساء السابقون في الولايات المتحدة ليسوا، بعد انتهاء مهامهم، سوى رقم يذكرون به، ومدة انتدابية سابقة يتم التأريخ بها ...

غير ذلك، فلا مسير سياسي لرئيس سابق بعد انتهاء انتدابه، الذي قد يمتد لولاية من أربع سنوات أو لولايتين من ثماني سنوات ... فلا يشارك في أنشطة الحزب، ولا يسمع له صوت في خلافاته، إن كانت هناك خلافات في ظل نظام حزبي يتسم بأقصى درجات المرونة، ولا يشارك في حملات انتخابية أو لجمع التبرعات ...

هذه كانت هي القاعدة المرْعية، والتي لا لم يسجل بخصوصها أي استثناء، سوى ما يجسده اليوم باراك أوباما من ممارسات جديدة في حاجة إلى متابعة حصيفة وتحليل عميق ... فأوباما يعد الرئيس السابق الذي يشارك إلى جانب مرشح لانتخابات رئاسية، وهو الرئيس الأول الذي يدعم نائبه السابق للوصول إلى البيت الأبيض ...

لماذا هذا الاستدعاء لرئيس سابق للمشاركة في حملات تدار بهامش خطأ يصل إلى الصفر، ويشرف عليها خبراء مرموقين في التسويق والتأثير والتتبع والجدوى؟ ثم لماذا لم تكن هذه المشاركة رمزية مقتصرة على الولايات ذات القاعدة الناخبة المترددة، أو الولايات التي يأمل فيها الديمقراطيين كسر طوق واستفراد الجمهوريين بها؟

 لا شك، أن لا أحد، في حدود تقديري، يجازف بمحاولة تقديم يقينيات في الموضوع، لذلك سأكتفي بطرح هذه الأسئلة التي تقلقني في الموضوع، والتي لا أجد لها جوابا:

- هل مشاركة الرؤساء السابقون في الحملات الانتخابية الرئاسية، مؤشر على عودتهم لإدارة الشأن العام؟ لكن من أي مدخل؟ مدخل كبار مستشاري البيت البيضاوي، أم في "الكابيني" (Cabinet) الذي يشكل نوعا من الحكومة، إن جاز التعبير، في نظام رئاسي؟

- هل هذه العودة مؤشر على تغير في الثقافة الحزبية الأمريكية، أو على الأقل في الحزب الديمقراطي، المنعوت أمريكيا بالحزب اليساري؟ وهل يعني ذلك الانتقال من أحزاب تحركها دوافع انتخابية إلى أحزاب بملامح قيد التشكل؟

- هل مشاركة الرؤساء السابقون في الحملات الانتخابية تدعم المشرح للرئاسة أم تضعفه؟ وهل تبقي على الشخصانية التي تنفرد بها الحملات الانتخابية الأمريكية المركزة على فكرة "الزعيم" أكثر منه على "البرنامج"؟ أم أنها تخلخلها عبر اعتلاء منصة الخطابة لرؤساء سابقون، مما قد يولد الاعتقاد بوجود "قيادة جماعية" حزبية، وراء المرشح الرئيس؟

أم أن كل هذه الأسئلة المطروحة تتعلق بالحالة المثال، ولا تتعداها، والتي تتميز بضعف شخصية بايدن وسنه المتقدمة، وحاجته، في صراعه المحموم مع ترامب على الصورة، لتوظيف باراك أوباما، أصوله الإفريقية، نجاحاتها كما اخفاقاته، بلاغته وقدرته على الإقناع ... إنها في نهاية المطاف دعوة استثنائية في سياق استثنائي لشخص استثنائي ... أليس كذلك؟؟

*دكتور في الحقوق أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط

عضو سابق بالمجلس  الدستوري والمحكمة الدستورية