ثقافة وفن

الدكتور منير القادري يبرز ثمار الكلمة الطيبة على الفرد والمجتمع

Ahdath.info الاحد 18 أكتوبر 2020
982B4305-5390-45AB-A39D-DB47C580BF57
982B4305-5390-45AB-A39D-DB47C580BF57

AHDATH.INFO

مداغ:11-10-2020

الكلمة الطيبة وثمارها في النفس والمجتمع، موضوع تناوله الدكتور منيرالقادري بودشيش، مدير مؤسسة الملتقى ورئيس المركز الأورومتوسطيلدراسة الإسلام اليوم، خلال مشاركته السبت 10 أكتوبر الجاري، في الليلةالرقمية الرابعة والعشرين، التي نظمتها مشيخة الطريقة القادريةالبودشيشية ومؤسسة الملتقى بشراكة مع مؤسسة الجمال.

قدم القادري في بدايتها تعريفا للكلمة بكونها تلك الأداة والوسيلة المعبرة عمايريد الإنسان الإفصاح عنه، وأنها أداة التخاطب والتفاهم بين الناس، ونقلالمعلومات والأفكار والتعبير عن المشاعر والعواطف، وما حوى الضميروالوجدان، مبينا أن الكلمة أداة هامة من أدوات التواصل الاجتماعي وبناءالعلاقات الإنسانية، بواسطتها يتفاهم الناس، ويعبر كل منهم عما يريدإيصاله إلى الآخرين، أو الحصول عليه منهم، لا سيما اكتساب المعرفة،مذكرا بقوله عز وجل في سورة الحجرات "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍوَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَعَلِيمٌ خَبِيرٌ "(الآية 13)".

وأوضح أن الكلمة الطيبة صدقة، وأنها رسالة المرسلين، وسمة المؤمنين، بهاتحصل الرغبات كلها، وتبلغ الغايات، وشبهها بجواز السفر الذي يوصل إلىقلوب العباد موردا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الطبراني" يمكنكم من الجنة طيب الكلام و إطعام الطعام"، وتطرق خلال حديثة عنالكلمة الطيبة إلى كلمة الإخلاص، التي هي عنوان التوحيد، متمثلة فيشهادة أن لا إله إلا الله، باعتبارها العروة الوثقى، مذكرا بالحديث النبويالشريف الذي رواه البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلاَّحَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ" وكذا الحديث الذي رواه الترمذي "خير ما قلت أناوالنبيؤون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهوعلى كل شيء قدير".  

كما سلط الضوء على التصوير الفني الرائع الذي يظهر إعجاز القرآنالكريم، حين رسم أمامنا صورتين لنوعين من الكلمة مجسدتين بمثال حي فيالشجرة الطيبة التي تمتد من نبات الأرض حتى تعانق السماء لسمو معانيهاوتواصل عطائها وقربها من ربها، فهي نامية معطاء في الدنيا والآخرة، وذلكمن خلال قوله سبحانه وتعالى في سورة  ابراهيم "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُمَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَآءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَاكُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، وَمَثلُ كَلِمَةٍخَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ" (الآيات  24،25، 26 ).

ونبه إلى أن اللسان الذي هو أداة الكلمة المترجم لما في العقول والمفصح عمايختلج في  القلوب، مؤكدا أنه لا نجاة من أخطاره ومكائده، إلا بالصمت،موردا في هذا الباب، الحديث الشريف الذي رواه البخاري أن النبيّ قَالَ:" إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالى مَا يُلقِي لهَا بَالًا يَرْفَعُهُاللَّه بهَا دَرَجاتٍ، وَإنَّ الْعبْدَ لَيَتَكلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ تَعالى لا يُلْقي لهَابَالًا يهِوي بهَا في جَهَنَّم"، مضيفا أن اللسان هو أخطر منافذ الضمير؛موردا مقولة للإمام علي ابن أبي طالب كرم الله وجه في وصيته لمحمد بنالحنفية "واعلم أن اللسان كلب عقور، إن خليته عقر، ورب كلمة سلبت نعمة،فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك وورقك"، وأكد أن أكثر خطايا ابن آدم منهذه المضغة، وأنه لا يَستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبهحتى يستقيم لسانه.

وحذر من أن الكلمةَ الخبيثة إذا شاعت بين العامة اتسع نطاق ضررها علىالمجتمع، وأن ذلك يجر على الأمة عواقب وخيمة من الميوعة وانعدام المروءة،وموت الضمير، مقدما مجموعة من الأمثلة المجتمعية لأناس يلبسون الحقبالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون، وأنهم يرتكبون بسوء سلوكهم جرائم فيحق أنفسهم ومجتمعاتهم.

وأكد القادري أنه بالكلمة الطيبة يدعو الإسلام الناس إلى سبيل الرشاد،ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، وذلك بالحكمة والموعظة الحسنةمصداقا لقوله تعالى في سورة النحل:  "أدْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبّكَ بِالْحِكْمَةِوَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ" (الآية 125)، كما حث الىضرورة انتقاء أطايبَ الكلام حين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذا عندالدعوة إلى الله.

وأشار إلى أنه حين تسيج الكلمة  بسياج العقل، وتحد بإطار الشرع، تهزالقلوب وتلامس المشاعر، وتَنفُذ إلى العقل والوِجدان، وأبرز محاسن الكلمةالطيبة، إذ بواسطتها تتم دعوة الناس إلى توحيد الله تعالى وتحبيب الطاعاتإليهم مستشهدا بقوله تعالى في سورة آل عمران "وَلْتَكُن مّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَإِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "(الآية104)، وأنه بواسطة الكلمة الطيبة تتم دعوة الفرد إلى الاهتمام بأمر المسلمينوالتفاعل مع قضايا هذه الأمة الخيرة، استجابة لحديث رسول الله صلى اللهعليه وسلم "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم"، كما أنه بواسطتهايتحقق البر بالوالدين مذكرا بهذا الخصوص بقوله تعالى في سورة الإسراء"فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلّمِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا " ( الآية 22، 23).

وأضاف في ذات السياق أنه بالكلمة الطيبة نصلح بين الناس ونعدل بينهم،ونفسد مخططات شياطين الإنس والجن في إثارة الفتن بينهم، مذكرا بقولهعز وجل في سورة الإسراء "وَقُل لّعِبَادِى يَقُولُواْ الَّتِى هِىَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَيَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّا مُّبِينًا "  (الآية 53)، وذكر أن اللهسبحانه وتعالى ربط في القرآن الكريم بين الكلم الطيب والعمل الصالح، منخلال قوله تبارك و تعالى في سورة فاطر الآية 10 "مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِالْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ۚ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَالسَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۖ وَمَكْرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ".

وبين أن أبرز مصاديق الكلم الطيب هو الاعتقاد الحق بالله سبحانه وكلمةالتوحيد، والاصلاح بين الناس، ومخاطبة الآخرين بالحسنى، وأوضح أنالتصوف والتربية الربانية والطبع الصافي، والانتصار على النفس، وتحدِّيالشهوات هو النهج المحمدي والمحجة البيضاء التي ما أحوجنا اليوم أن نربيعليها ابناءنا في البيت والمدرسة والمجتمع، من خلال عملية تربوية مستمرةمتجددة على الكلمة الطيبة وقول الصدق وإفشاء السلام.

و أكد أن الطريقة القادرية البودشيشية، وعيا منها بأهمية البعد التزكويللتصوف، تحرص على  تكوين مواطنين صالحين مصلحين ملتزمين بخدمةوطنهم و السعي في رقيه وازدهاره تحت القيادة الرشيدة لأمير المؤمنينصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذى ما فتئ يربي ويوجهويبعث في المغاربة روح التضامن والوطنية الصادقة، وهو ما جسده الخطابالسامي الذي وجهه جلالته، إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورةالتشريعية، والذي شكل درسا في التضامن، ووعيا تاما بالواقع الجديد الذيفرضته الأزمة الصحية وما تركته من تداعيات لاسيما على المجالالاقتصادي، موردا مقتطفا من خطاب جلالته "إن نجاح خطة الإنعاشالاقتصادي والتأسيس لعقد اجتماعي جديد، يقتضي تغييرا حقيقيا فيالعقليات، وفي مستوى أداء المؤسسات العمومية"، كما أورد مقتطفا آخر منذات الخطاب يدعو من خلاله  جلالته الحكومة إلى "القيام بمراجعة عميقةلمعايير ومساطر التعيين، في المناصب العليا، بما يحفز الكفاءات الوطنيةعلى الانخراط في الوظيفة العمومية، وجعلها أكثر جاذبية".