مجتمع

عطلة حذرة!

طه بلحاج السبت 15 أغسطس 2020
MARTIL
MARTIL

AHDATH.INFO- مصطفى العباسي

«مشات جوج سيمانة دشهر غشت وباقي مردينا حتى راس المال»، يقول صاحب محل تجاري في مرتيل بأسف كبير، وهو يتحدث عن الأزمة الخانقة التي يعيشها هذا الصيف، بعد أن كان وزملاؤه يعتقدون أن الأمور ستتحرك بعد عيد الأضحى، ليفاجؤوا بقرار إغلاق المدن، وخاصة كبرياتها، التي يتوافد منها غالبية الزوار، من قبيل فاس والدارالبيضاء. كما أن إغلاق تطوان ساهم بدوره في هاته الأزمة، إذ غدا الدخول والوصول للسواحل، رغم أنها مفتوحة، أمرا صعبا.

الصحة قبل السياحة

أسف التجار وأصحاب المهن الموسمية والسياح أنفسهم على ما آلت إليه الأوضاع لا يجعلهم ينسون أن مسألة الإغلاق والاحترازات أمر لا بد منه، وأن الإجراءات التي تمت بالنسبة لبعض المدن، هي ضرورية في هاته الفترة، بغض النظر عن الطريقة التي تمت بها، والتي يتفق الجميع أنها لم تكن مناسبة تماما، ونالت عدة انتقادات. لكن حماية مدن غير عليلة من مدن ينتشر فيها الوباء بشكل كبير لا يختلف بخصوصها إلا القليل ممن قد يرون في الربح المادي الأساس بمقابل صحة المواطنين.

السواحل الشمالية في مجملها، من الحسيمة إلى شفشاون وصولا لوادي لاو ومرتيل المضيق الفنيدق، كلها سواحل تستقطب في هاته الفترة من السنة مئات الآلاف من الزوار القادمين من مختلف ربوع المملكة ومن خارجها أيضا. هذا العام لا معالم لموسم صيفي لحد الساعة، ونحن نوشك على الأسبوع الثاني من شهر غشت، حيث تنتهي مرحلة الذروة المعتادة، ليجد كل من استثمر أو حلم بموسم صيفي نفسه يواجه الغموض والخسارة لا محالة، خاصة من اكترى محلا وجهزه وهو يعتقد أن الوضع عاد لطبيعته بعد تطمينات الحكومة.

معاناة وكساد

«الوضع سيء للغاية» يقول صاحب وكالة عقارية بمرتيل، اعتاد أن يكتري مجموعة شقق ويعيد كراءها في عروض خاصة لزبنائه، في كل عام كان يقدم هاته الخدمات لمئات الأسر القادمة من مختلف أرجاء المغرب، وخاصة منها مدن الدار البيضاء وفاس، على حد قوله. لكنه هذا العام، وبعد تصريحات رئيس الحكومة في البداية بتشجيع السياحة، اعتقد أن الأمور ستفتح خلال الأسابيع الأخيرة من يوليوز وبداية غشت، لذلك، التزم بحجز شقق لعرضها، وأدى تسبيقا ماديا لأصحابها، قبل أن يصدم بقرار الإغلاق، وإلغاء جل زبنائه لحجوزاتهم، مما جعله، كما غيره في وضع لا يحسد عليه، بسبب ضياع الموسم.

ليس وحده صاحب الوكالة العقارية من يعاني، فزملاؤه في هاته الحرفة، سواء المنظمين أو المنتمين لما يسمى «سماسرة الشارع»، كلهم وجدوا أنفسهم بدون عمل، علما أنها الفترة السنوية الوحيدة التي يشتغلون فيها، وهي التي تساعدهم على تحمل تكاليف العيش على مدار العام. نفس التطلع والحلم، كان يراود أصحاب الشقق الذين اعتادوا كراءها، فهاته الفترة بالنسبة لهم، هي موسم توفير دخل يمكنهم من مجابهة صعوبة العيش خلال الفترة الشتوية، التي تكون المنطقة فيها متوقفة وجامدة تقريبا.

غير بعيد عن هؤلاء، يمتد طابور من أصحاب المهن الموسمية، الذين كانوا يعولون على الموسم الصيفي، منهم باعة قادمون من مدن أخرى، ومنهم أبناء المنطقة، ممن اكتروا محلات تجارية ككل عام، وملؤوها بسلع من كل حدب وصوب، واستعدوا للموسم الصيفي، فوجدوا أنفسهم أمام كساد لم يسبق لهم أن عرفوه أو حتى اعتقدوه. فبعد نهاية شهر يوليوز بمداخيل لا تفي حتى بأبسط التزاماتهم، وجدوا أنفسهم أمام شهر غشت، الذي كان أملهم الكبير، وجدوا أنفسهم أمام الفراغ، وليس هناك من زبناء سوى قلة قليلة جدا. بل ان فنادق اغلقت أبوابها بشكل نهائي بعد أن فقدت الأمل كليا.

كل شيء متغير، كل شيء مختلف جدا عن السنوات السابقة، فرغم وجود بعض الحركة بالشارع، إلا أنه لا حركة تجارية ولا اقتصادية، فكل شيء ينبئ عن صيف يوشك على نهايته، دون أن يتمكن أحد من أن يوفر لنفسه ولو أبسط ما خسره في الإعداد لهذا الموسم الصيفي، الذي فرضه كورونا بإيقاعات خاصة، حيث خيم شبحه على كل شيء ولازال... إنه موسم صيفي صعب وستتلوه أشهر عجاف وأكثر صعوبة للآلاف من الذين كانوا يعتقدون أن الصيف سيلملم جراحهم التي تركتها أشهر الحجر السابقة.