مجتمع

كورونا تفقد مضايق تودغى بتنغير إشعاعها السياحي

عمر صبراني | صحافي متدرب الاثنين 03 أغسطس 2020
Capture d’écran 2020-08-03 à 11.19.15
Capture d’écran 2020-08-03 à 11.19.15

AHDATH.INFO

مضايق تودغى "العالمية" هي معلمة بيئية في ضواحي مدينة تنغير بوأت نفسها المراتب العليا ضمن أجمل الوجهات السياحية على الصعيدين الوطني والعالمي، لم تسلم هي الأخرى من تبعات كورونا فيروس وبدت بين ليلة وضحاها شبه مهجورة من الوافدين الذين كانوا في الأمس القريب يكلفون أنفسهم عناء السفر إليها بغية تدوين حضورهم في أرجاء هذه المعلمة الفريدة.

 

تبدأ الرحلة عند استقلال سيارة أجرة كبيرة صفراء اللون مُحاطة بخط أبيض.

كل شيء قد تلتقطه العين أثناء الطريق يوحي برونق وطبيعة الوجهة المنشودة، لتعلن بذلك انطلاق رحلة استجمام في ضيافة مضايق تودغى التي لا تكل ولا تمل من الترحيب بزوارها بصوت خرير مياهها العذبة وجمال تدفقها بين جبال شاهقة تثير ذهول الزائرين.

لكن ما إن حل كورونا واستشرى بشكل كبير في المنطقة إلا وقد حل معه اليأس ومعالم الركود على من اتخذ من هذا المكان مصدرا لقوت يومه.

لطالما كان الممر الذي يتوسط المكان مكتظا عن آخره، لاسيما في عطلة نهاية الأسبوع إذ يبلغ خلالها مستويات ذروته، بين من يجعل المكان فرصة لالتقاط الصور رفقة الأصدقاء أو أفراد العائلة، ومن يجذب أطراف الحديث مستعرضا ما يروج حول سيناريوهات تهيئة "المضايق" بما يتماشى مع المعايير الدولية للأماكن السياحية تزامنا مع تزايد الإقبال السياحي المحلي والأجنبي، متناسيا جولانه جيئة وذهابا على طول الممر في جو يملأه المارة وصخب متسلقي الجبال.

السير نحو المجهول، هي السمة السائدة اليوم في مضايق تودغى، تعيش وضعا لا تُحسد عليه في غياب السياح الأجانب؛ القلب النابض الذي ينطق باسمها، إلى درجة أن تاريخها وحركيتها الاقتصادية على مدار الزمن ارتبطوا بالتوافد المستمر للزوار من كل بقاع العالم، مقارنة بالوافدين المحليين الذين لا تدفعهم الرغبة في الرقي باقتصاد هذه الوجهة السياحية بتحويلهم النهر لمحتضن النفايات في غياب صارخ لأبسط قواعد النظافة بعد تناولهم للمأكولات التي جلبوها معهم متجاهلين الباعة والمطاعم وصرخات عاملي النظافة الذين لم يتوانوا يوما في خدمة البيئة.

الأمر لا يقتصر على غياب السياح الأجانب فحسب، بل تعداه إلى إزالة دكاكين الباعة المصنوعة من الخشب والمغطاة بالبطانيات درءا لأشعة الشمس الحارقة، بدعوى أن السلطات المحلية تعمل على تشييد دكاكين بديلة مقاومة للصدأ بصلابتها وجودتها مقابل ضريبة شهرية سيقوم الباعة بأداءها.

كل الفنادق والمطاعم التي كانت تعج ليلا ونهارا بالوافدين الأجانب أغلقت أبوابها فجأة، وفي أحسن أحوالها تظل يقظة ومتأهبة لأي طارىء يهم السلامة الصحية لكل وافد مُحتمل، البعض منهم اعتبرها فرصة سانحة له لإعادة هيكلة فندقه وإصلاحه ريثما يجد الإنفراج سبيلا إليهم.

عامل النظافة "الحسين"، ذو البدلة الصفراء، تفاصيل محياه التي شقت التجاعيد أرجاءه وفمه الذي لا يكاد يضم سنا واحدا، وخطواته الواثقة تُنبىء بمعرفة السبيل، كلها أوصاف تعبر عن مرارة كئيبة يواجهها بصفة يومية للحفاظ على نظافة المكان، يعبر عن غضبه المتواصل باستغراب لسلوكيات بعض الزائرين، وكلامه كله حسرة على ما آل إليه الوضع البيئي في مضايق تودغى.

الأمر نفسه عبر عنه مالك لوحدة فندقية جراء الانتكاسة التي تشهدها مضايق تودغى، الأمر يتعلق ب"العربي" ذو بنية جسمانية قوية لا يحميه من أشعة الشمس سوى قبعته السوداء وقنينة ماء بارد يرتشف منها كلما دعت الحاجة إلى ذلك، شدد "العربي" بنبرة صوت حادة على حجم الأضرار الناجمة عن غياب السياح الأجانب واصفا إياهم بالسبيل الوحيد لاسترجاع المنطقة لعافيتها.

من جهته أكد "عبد الواحد كيني" رئيس جمعية ونادي الرياضة الجبلية والمحافظة على البيئة، على أن قرار توقفهم عن ممارسة أنشطتهم في مضايق تودغى جاء تلبية لقرار السلطات المحلية التي طالبت جميع الجمعيات والنوادي بوقف جميع أنشطتهم إلى إشعار آخر. وأضاف بأن : "السلامة الصحية لكافة زوار مضايق تودغى هي أولويتنا في الوقت الراهن".

أمام هذا الوضع التي تعرفه مضايق تودغى أو بالأحرى العالم بأسره، تبقى هذه المعلمة البيئية عصية على الأزمات والانتكاسات التي مرت منها عبر التاريخ، لتظل الكلمة الفصل لتجاوز هذه المحنة هي التعاون الذي يجب أن يضاهي متانة وعلو جبال مضايق تودغى.