آراء وأعمدة

حكيم بلمداحي يكتب: التعايش الواعي مع كورونا

طه بلحاج الاحد 19 يوليو 2020
Marrakech COVID 4
Marrakech COVID 4

AHDATH.INFO

الخروج من الحجر الصحي أصعب من الدخول فيه. هذه الجملة رددها أكثر من مسؤول قبيل اتخاذ قرار تخفيف الحجر الصحي في الشهر الفائت. إنه خطر الجائحة الذي ما يزال قائما، وقد يكون أكبر من الفترات الماضية. ولا شك أنه سيكون شديدا أكثر مع مناسبة عيد الأضحى المعروف بطقوسه الاجتماعية المعقدة والغارقة في الاتصال والحميمية وحرارة التواصل.

في العيد الكبير كما يسميه المغاربة تكثر التجمعات العائلية، ومعها قد يصعب التباعد الجسدي بالشكل الصحي مما يفسح المجال واسعا للعدوى بالفيروس لا قدر الله.

لقد كانت هناك تساؤلات مجتمعية بخصوص إلغاء العيد هذه السنة للظروف المرتبطة بوباء كورونا المستجد. وكانت هناك أصوات تنبه لخطورة عدم اتخاذ قرار المنع. لكن يظهر أن في العملية إكراهات اقتصادية واجتماعية معقدة مع وجود فرص لاحترام شروط الوقاية من الإصابة بالفيروس أو نقل العدوى إلى أشخاص آخرين باتباع تعليمات المصالح الصحية، والمتمثلة أساسا في ارتداء القناع أو الكمامة واحترام مسافة الأمان والتزام النظافة باستمرار وبشكل متكرر.

المسؤولية، إذن، انتقلت من الدولة إلى كل أفراد المجتمع وأصبحت فردية لكنها تتطلب ضميرا جمعيا.

ألم يكن بالإمكان أن تتدخل الدولة بسلطة قانون الطوارئ لفرض إجراءات مانعة من جديد؟ الجواب ليس بالسهل. الشهور التي تدخلت فيها الدولة بالحجر الصحي لم تكن سهلة على الاقتصاد وعلى المجتمع. لكن الدولة كانت اختارت الصحة على الاقتصاد وصرحت بذلك علانية. غير أن هذا الخيار لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية لعدة أسباب.

لقد تابع العالم كيف اختارت دول الاقتصاد على الصحة، بل كان لمسؤولين بهذه البلدان رأي واضح في خيار مصارعة الوباء عن مصارعة الجوع. وردد بعضهم مقولة اللهم الموت بكورونا ولا الموت بالجوع.

هو خيار على كل حال. لكن المغرب اختار صحة مواطنيه على صحة اقتصاده، وهو أمر جنب البلد مآسي كثيرة، لكنه سيخلف أضرارا اقتصادية واجتماعية يصعب حصرها في الوقت الراهن.

طبعا ليس هناك من سبيل للهروب الدائم من الوباء، خصوصا وأن لا شيء يؤكد عمر الفيروس واستمراره، وليس هناك من مخرج سوى في إيجاد لقاح ليس موجودا في الوقت الراهن وقد لا يوجد إلا بعد مدة زمنية قد تطول.

إلى جانب احتفالات العيد وما يتبعها من اختلاط، هناك أيضا عودة المغاربة العالقين بالخارج مع ما يطرحه كل ذلك من خطورة ارتفاع حالات الإصابة. لكن هذا الخيار يتطلب يقظة كبيرة من قبل المواطنين فالخطر ليس هينا والسقوط في ما لا تحمد عقباه احتمال قائم بنسبة رياضية معتبرة.

لقد بينت إحصائيات وزارة الصحة بخصوص عدد الإصابة بكوفيد 19 بعد رفع الحجر الصحي أن هناك ارتفاعا كبيرا مقارنة مع أيام الحجر. وهذا يزيد من احتمالات خطورة الأمر مع احتفالات العيد وعودة العالقين بالخارج.

المفيد أن لا مخرج سوى بالتعايش الواعي مع الفيروس، وهو أمر للأسف ليس مضمونا كليا مع وجود متهورين لا يستشعرون خطورة عدم اتباع إجراءات الوقاية في حدها الأقصى وبالصرامة المطلوبة.