آراء وأعمدة

طلحة جبريل يكتب: حدث العروي قال

طه بلحاج الخميس 02 يوليو 2020
TALHA_GIBRIEL_MUSA
TALHA_GIBRIEL_MUSA

AHDATH.INFO- طلحة جبريل

كنت أبحث في الأرشيف عن حوارات أجريتها مع مفكرين بارزين بشأن "التجارب الديمقراطية" في المنطقة العربية، لتجميع مادة تصلح لمشروع كتاب.

أقول في هذا الصدد إن ذاكرة الصحافي، هي أرشيف شفوي إذا كانت تسعفه، في حين أن أفضل مادة أرشيفية هي الوثائق المكتوبة بخط اليد أو المطبوعة، ثم بعد ذلك تأتي الوثائق المرئية والمسموعة والصور. هذا التصنيف مرده إلى أن الوثائق المكتوبة بخط اليد أو المطبوعة في صحف أو مجلات لا يمكن تحويرها.

من بين الحوارات التي وجدتها، حواراً ماتعاً مع المفكر والمؤرخ عبدالله العروي، الذي ربطتني به علاقة وثيقة أعتز بها دوماً وأبداً. أجريت ذلك الحوار في يوليو 1986. لنتأمل ماذا قال العروي في حوار جرى قبل أزيد من ثلاثة عقود، إليكم مقتطفات:

"الديموقراطية لن تحل مشاكلنا لأنها تطرح مشكلات جديدة. ربما تبلورت رؤية جديدة ترى أن حل المشكلات العربية يكمن في الديمقراطية في حين لم يكن العرب قبل عشر سنوات فقط يهتمون بالقضية الديموقراطية. فجأة عادوا يعتقدون أن الحل في الديموقراطية، وهذا غير صحيح، الديموقراطية ستزيد من تعقيد مشكلاتنا. البقاء في إطار تجربة ديموقراطية  لن تحل اي مشكلة. وإنما ستساهم في تعقيد المشاكل لأنها تطرح مشكلات جديدة".

ويستدرك قائلاً "لم يعد هناك حل آخر إلا بالعودة إلى الديمقراطية مؤقتاً، ولكن إذا قلنا بهذا الحل وتمكنا من بسط المشاكل على بساط البحث، ربما يضطر المسؤولون الى مراعاة الرأي العام الداخلي، الذي سيتأثر حتماً بالرأي العام العربي، عندئذ تبدو هناك مخاطرة في العودة الى أجواء الستينيات".

ويضيف "يجب أن تكون مصطلحاتنا دقيقة، حين نقول بالديمقراطية، هل نعني فعلا ممارسة فعلية؟ بوضوح، لا أتصور أن المستوى الثقافي  السائد في العالم العربي في الوقت الحاضر يمكن أن يعطي للديمقراطية دوراً فعلياً. رغم ذلك أحبذ الممارسة الديمقراطية على الممارسة غير الديموقراطية، وأتحفظ على أن تكون الديمقراطية هي الحل الصحيح لمشكلاتنا. الدليل واضح الآن في السودان (قيل ذلك عام 1986) المشكلات المطروحة هناك مشكلات اقتصادية، ومشكلات وحدة الأراضي. وهذه مشاكل لا تحلها الديموقراطية، ربما تعين فقط على تلمس الحلول. وأخشى إذا قلنا إن الحل يكمن في الديمقراطية أن نكون عرضة للخيبات إذا لم تأت الديمقراطية بنتيجة”.

وعن الأحزاب ودورها في إغناء وإثراء التجربة الديموقراطية يلاحظ العروي ”أن الأحزاب في المغرب لم تجدد نفسها من الداخل..”. وهو يرى “ان هناك الآلاف من الشباب المثقف لم تستوعبهم هذه الأحزاب. والأحزاب في غايتها القصوى، لابد أن تتحول الى مدارس لتخرج كوادر متمرسة تطعم ماكينة الدولة وأجهزتها".

لله درك أيها العروي.