آراء وأعمدة

حكيم بلمداحي يكتب: العبرة في الاستمرارية

طه بلحاج الاحد 28 يونيو 2020
WIQAYTNA_TRAM
WIQAYTNA_TRAM

AHDATH.INFO

فسرت وزارة الصحة ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كوفيد- 19 في الأيام الأخيرة بتوسيع دائرة الكشف الجماعي المبكر. وشددت الوزارة على أن الحالة الوبائية بالمغرب، في ارتباط بهذا الفيروس، مستقرة ومتحكم فيها.

بلاغ وزارة الصحة يأتي ليرد على تخوفات الأيام الأخيرة التي عرفت تسجيل أرقام قياسية في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، بعد ظهور بؤر مقلقة مهنية وصناعية على الخصوص.

الوزارة انطلقت في تفسيرها هذا من المعطيات الرقمية في عدد الإصابات وعدد الحالات الحرجة، وكذلك نسبة الفتك. هذه الأخيرة التي تسجل في المغرب أضعف النسب على المستوى العالمي وهو أمر مطمئن ومشجع.

ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس تزامن مع مرحلة التخفيف من الحجر الصحي وبداية عودة الحياة إلى طبيعتها بعد أزيد من ثلاثة أشهر قضاها المغاربة في مخابئهم المنزلية هروبا من فيروس أفزع العالم وبعثر كل أوراق الاقتصاد والسياسة والمجتمع.

لابد هنا من الإقرار بالمجهودات، التي قامت بها الدولة منذ بداية ظهور الفيروس في المملكة. تجند مثالي لكل طاقات الدولة، وتجاوب مجتمعي ظهر في صور رائعة لقيم التضامن والتآزر والتعاون. كل هذا بين معدن المغاربة في مواجهة الأزمات بصبر وثبات وبقيم مجتمعية سامية أساسها التضامن والتعاون.

قد تكون الدولة اتخذت إجراءات احترازية، في حدها الأقصى وبشكل مبالغ فيه في بعض الأحيان. لكن هذه اختيارات كيفما كان الحال وضعت نصب أهدافها حماية المجتمع وحماية الصحة العامة ولو على حساب الجانب الاقتصادي.

هل اتخاذ إجراءات في حدها الأقصى كان ضروريا، خصوصا وأن تكلفتها الاقتصادية ستكون كبيرة جدا؟..

هذا سؤال على كل حال يمكن الاختلاف حول الإجابة عليه، لكنه اختيار من بين اختيارات أخرى كان بالإمكان اللجوء إليها.

مهما قيل عن تطرف بعض القرارات إلا أن لا أحد يمكن أن يجادل في صوابها وفي فعاليتها لحد الآن. غير أن الأمر في النهاية يعود إلى طبيعة المرض وإلى حجم المعلومات المرتبطة به. لقد عاش العالم ضبابية في بعض المعارف بخصوص الوباء، مما تسبب في اتخاذ قرارات تروم الاحتراز وتهدف إلى عدم السقوط في مآس شبيهة بما وقع في بلدان أوروبية وأمريكية.

هل يمكن القول أننا بلغنا نهاية الأزمة؟..

لا أعتقد أن أحدا يمكن أن يجيب على هذا السؤال اعتبارا من كون ذات الغموض حول المرض ما يزال مستمرا.. الدراسات حول فيروس كورونا المستجد ما تزال تقدم معلومات متضاربة أحيانا وما زال الغموض يلف العديد من الجوانب. لكن هناك توجه نحو اعتبار الأمر يتعلق بمرض عادي كباقي الأمراض الأخرى. لكن كل هذا لا يجب أن يعفينا من مواصلة الإجراءات الوقائية القائمة على النظافة والتباعد الجسدي واستعمال الحواجز الوقائية.

الدخول في مرحلة تخفيف الحجر الصحي هو مرحلة جديدة من مراحل مواجهة المرض، وقد تكون هناك مراحل أخرى في القادم من الأيام. طبعا، يمكن الحديث عن تجاوز مرحلة تكفل الدول بالإجراءات الوقائية والمرور إلى مرحلة الوقاية الفردية. وهذا الأمر يتطلب وعيا فرديا وضميرا جمعيا يعي ضرورة الوقاية الصارمة في مواجهة المرض.

لا يمكن إخفاء ما خلفته مراحل الحجر الصحي من خسائر اقتصادية، ولا حجم الآثار المستقبلية لهذه الخسائر. هنا تدعو الضرورة إلى التعامل الجاد والمسؤول مع ما سيأتي في القادم من الأيام. هناك إجراءات على الحكومة التكفل بها بجرأة وشجاعة. وهناك مجهودات على الدولة القيام بها. لكن هناك أيضا أشياء مطلوبة من كافة المواطنين. الأزمة عامة ومواجهتها يجب أن تكون جماعية انطلاقا من ذات القيم التي ظهرت في بداية الأزمة. يقول المثل «الذهب يقاس بالنار».. والنار أشعلتها كورونا ويبقى على المغاربة، دولة ومؤسسات وحكومة وشعبا، مواجهة التحدي بالصبر والعمل وبالتضامن واستشراف المستقبل.

لا يمكن إلا لجاحد أن يبخس حجم المجهودات التي بذلت في الشهور الفارطة منذ ظهور الوباء. لكن العبرة في الاستمرارية.