آراء وأعمدة

علاء الخطيب يكتب: فوضى السيادة الوطنية


طه بلحاج الجمعة 19 يونيو 2020
ALA-KHATIB-IRAK
ALA-KHATIB-IRAK

AHDATH.INFO- علاء الخطيب

في كتابه الأمير يقول ميكافيلي: ربما توزع المناصب ولكن لا يمكن تقسيم السيادة، فثمة مسافة بين السيادة والوطن تكاد تكون ضئيلة جداً، فلا وطن دون سيادة ولا سيادة دون وطن. السيادة تعني الحق المطلق للدولة في ممارسة سلطتها على الجميع دون تدخل خارجي، كما تعني السيادة الإرادة الوطنية الكاملة.

ما حدث من دخول للقوات التركية للأراضي العراقي ومن قصف إيراني على القرى والبلدات العراقية في كردستان العراق.
يؤشر بوضوح إلى توزع السيادة العراقية، فثمة من احتفل سراً بالاعتداء التركي، وثمة منْ انتفض ضده بالعلن، وربما ثمة من نسق مع المعتدين فكانت ردود الأفعال متباينة.
هذا المشهد عكس الخصومات الداخلية في وطن غابت عنه السيادة الكاملة وتوزعت بين الجماعات فاستبيحت ارضه ونهبت ثرواته وفُقدت كرامة شعبه.
عندما لا يتخلى الفرد عن حقوقه لصالح المجتمع تنشأ سيادة الفرد، وستكون هناك سيادة الأفراد هي الطاغية على سيادة المجتمع، وعندما تتمسك مجموعة ما بحقوقها دون النظر لحقوق المجموعات الأخرى تنشأ سيادة المجموعة، وتضمحل سيادة الشعب، التي هي سيادة الوطن.

يقول جان جاك روسو: للدولة حق مطلق على افرادها وهي من تمارس الإدارة العامة التي تسمى السيادة، وهذا الحق لا يمكن ان يفرض بالقوة لوحدها، بل بالإرادة الجماعية الناشئة من الرغبة في العيش المشترك والاستمرار بالحياة.
كما ان السيادة الوطنية تعني أن هناك قانون واحد يحكم المجتمع والدولة، ولا يسمح لسيادات متعددة ان تفرض وجودها لان ذاك يتناقض مع هيبة وعزة الدول.

* حينما نرى أن هناك نقاش أو جدل يدور حول انتشار القوات العسكرية والأمنية على الحدود والمنافذ الوطنية، نشعر بأن هناك سيادات متعددة.

* وعندما يتم تأسيس جيش أجنبي (مليشيا ازادي الكردية الإيرانية التركية) على أرض وطننا في الشمال ويظهر إعلامياً ويعلن بكل صلافة محاربة القوات العراقية الرسمية ومن داخل العراق، يحق لنا حينها أن نبكي على السيادة وننتفض لها.

* وحينما تكون هناك مصالح وامتيازات فئوية تمنح لهذه المجموعة أو تلك دون أن تشمل كل الشعب نعلم أن السيادة موزعة.

* وعندما يكون هناك خطاب حكومي متعدد ومواقف مختلفة تجاه قضية معينة واحدة.، يدلنا هذا على تشتت شمل السيادة الوطنية.

* وعندما تكون هناك مجاميع مسلحة خارجة عن سلطة الدولة وتهدد وجودها بل تعرض سمعتها للخطر ولا تأتمر بأمر القائد العام، هذا يعني علينا ان نعيد حسابتنا في مفهوم السيادة.

إن فوضى السيادة في العراق هو مَنْ جرأ تركيا وإيران وأمريكا وغيرها من الدول على الاستهتار بأرضه وشعبه وثرواته.
فالدول تتعامل مع الدول الأخرى باعتبارها وحدة واحدة ذات هدف واحد وموقف واحد وقرار واحد وسيادة واحدة.

وإذا ما كانت هناك جهات متعددة تمتلك القرار والسلطة والسيادة في دولة ما فلا غرابة أن نجد بساطيل الجنود الأجانب تجوب شوارع مدننا.
وليس من العجب أن ترفرف الأعلام التركية فوق جبالنا، وتزمجر الدبابات الاوردغانية بين سهولنا، وتسقط الصواريخ الشرقية فوق رؤوس أطفالنا وقرانا.
وما دامت سيادتنا موزعة ستبقى دماؤنا مستباحة.