ثقافة وفن

كورونا يلهم كتابا مغاربة نصوصا مستقبلية

عبد العالي دمياني الاثنين 30 مارس 2020
-1v1innlzrlhew8ajoaahyhp30s0z72gqxq13080rkgro
-1v1innlzrlhew8ajoaahyhp30s0z72gqxq13080rkgro

Ahdath.info

 

لم ينتظر بعض الكتاب المغاربة حتى تنجلي غمة وباء كورونا كي يكتبوا عنها، وإنما بادر عدد منهم لمحاولة توثيق آثار هذه الأزمة، من منظور سوسيولوجي أو جيوبوليتيكي.

السوسيولوجي أحمد شراك واحد من الكتاب المغاربة، الذين وقفوا أمام هذه اللحظة التاريخية الفاصلة، التي فرضها وباء كورونا على البشرية جمعاء، وشرع منذ تفشي الفيروس الفتاك، في تأليف كتاب جديد وضع له عنوان "كورونا والكتابة"، وهو مستوحى من المناخ الحالي المخيم على البلاد والعباد.

الكتاب عبارة عن يوميات، يؤكد شراك، يعالج فيها الكاتب وفق شروط التحليل السوسيولوجي مواضيع يطرحها التفاعل الاجتماعي والإعلامي مع انتشار فيروس كوفيد 19. كل يومية هي بمثابة مقالة تحليلية لموضوعة واحدة تستأثر بالرأي العام، من قبيل "كورونا والإشاعة" و"كورونا والبحث العلمي".

يحرص أحمد شراك على ألا تتجاوز كل مقالة أربع صفحات يكثف فيها تحليله للمواضيع المرتبطة بوباء كورونا، وما دفعه إلى وسم النصوص باليوميات هو كتابته لها يوما بيوم مع تثبيت التواريخ، وإفراد كل يومية لموضوع يكون هو الطاغي في مختلف وسائل الإعلام، وهي كتابة تفاعلية لكن من موقع التفكير الإشكالي في المواضيع التي تعالجها.

يؤكد شراك أن الطابع الإشكالي لهذا العمل سيلاحقه أثناء نشره بعد أن تنزاح هذه الغمة الكونية، إذ عمد في ما يخص التأطير الإبستيمولوجي للعمل، إلى نحت تسمية يجنس بها هذا الكتاب بإدراجه ضمن ما سماه بـ"الكتابة الجبرية" المستوحاة من الإقامة الجبرية في إشارة واضحة إلى العزل الصحي، الذي خضعت له النصوص، ويتساءل الباحث إن لم تكن مذكرات أحمد بن بلة أثناء إقامتها الجبرية تدخل ضمن هذا الإطار.

ويسجل صاحب "سوسيولوجيا الربيع العربي" أن كلمة الجبر التي استوحى منها تسمية هذه الكتابة غنية بالإيحاءات. كما أكد أنه يقوم بالتوازي مع تأليف كتاب عن كورونا بتحرير فصول رحلة قام العام الماضي إلى روسيا في شهر غشت، وهو عمل يحرص على تدوين معطياته المخطوطة كل يوم، مثلما يقرأ في هذه الأيام سيرة ذاتية لعبد السلام الرجواني بعنوان "غابة الرياحين: أيام الحب والألم".

الناقد والباحث المتخصص في تحليل الخطاب إدريس قصوري ينكب هذه الأيام على تأليف كتاب عن آثار وتداعيات وباء كورونا على النظام العالمي مستقبلا، معتبرا أن هذا الحدث الكوني سيغير العالم بشكل جذري. وأبرز أنه يبحث تحديدا في التحولات، التي سيشهدها العالم وقد انكشفت بوادرها مع الأزمة العالمية الراهنة.

وأوضح قصوري أن من أهم ملامح التحول هو الانتقال مما أسماه بـ"القوة الصلبة"، وتعني الجيش والاقتصاد والتجارة وسواها من مظاهر هذه القوة، التي تصنف بمقتضاها الدول، إلى ما عبر عنه بـ"القوة الكامنة" وهي ذات أبعاد قيمية بالدرجة الأولى ترتبط بعوامل التلاحم الوطني والمشاركة والانخراط الواعي في القضايا المصيرية بروح المواطنة.

وقال إدريس قصوري إن دولا كبرى ولها إمكانيات هائلة فشلت في اختبار "القوة الكامنة"، في حين أن بلدانا ليست لها إمكانيات مثل المغرب عرف كيف يدبر الأزمة بحكم نجاعة استثماره لهذه "القوة الكامنة"، التي ستغدو مستقبلا هي الفيصل. ويتوقع الباحث في الكتاب، الذي ينكب على تأليفه حاليا في ظل الحجر الصحي العام، أن البلدان النفطية ستفقد كل سطوة ونفوذ لها في النظام العالمي، الذي سيتشكل بعد وباء كورونا، وأن الإسلاموفوبيا ستضمحل لتخلي المكان إلى حرب ضروس بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين.

وعبر قصوري عن رغبته في أن تعطى للمثقفين والعلماء المكانة اللائقة بهم بدل الرهان على صناع الفرجة ممن يعملون على "ترقيص الشعوب"، مؤكدا أن جزء من الأزمة الراهنة نابع من الاستثمار الخيالي في بورصة لاعبي كرة القدم ونجوم الغناء، في حين يتم تبخيس شان العلماء والمثقفين رغم أنهم أولى بالرهان عليهم، كما أبدى تطلعه إلى أن يعرف المغرب كيف يتموقع في الهيكلة العالمية الجديدة إذ له الإمكانيات التي تؤهله لذلك.

الشاعر عبد الحق بن رحمون أكد أن جو الحجر الصحي فرض عليه نوعا من الكتابات لها صلة بما يعيشه العالم اليوم، ومن هذه المقروءات المدونات الإخبارية، التي تتحدث عن الجوائح والأوبئة التي ضرب المغرب، إذ كشف له الاطلاع على بعض منها أي مآس خلفت، كما بينت له عدم استعدادنا لها رغم أنها تسكن ذاكرتنا بقوة.

وقال صاحب "النسر القروسطي..." إن المناخ الحالي يجعله يهتم بمتابعة الأخبار باستمرار، وفي الآن نفسه قراءة أبي العلاء المعري، موصيا بالعودة إلى شيخ المعرة في هذه اللحظة الاستثنائية بالذات. أما على مستوى الكتابة فذكر بن رحمون أنه بصدد كتابة ديوان جديد تحت عنوان "طائر المنتهى"، وهو عبارة عن قصيدة طويلة لكنها مكتوبة بطريقة شذرية.