ثقافة وفن

"فتاة الفسيفساء".. صرخة ضد المجتمع الذكوري

نورالدين زروري/ تصوير: العدلاني الثلاثاء 03 ديسمبر 2019
©mosaic portrait_2948
©mosaic portrait_2948

AHDATH.INFO

الفيلم الصيني "فتاة الفسيفساء" كان أول عمل يعرض في إطار المسابقة الرسمية خلال اليوم الثاني من المهرجان الدولي, وعرف حضور مخرجه زهايييكسيانغ وبطلته زهانكتونكسي.

تنطلق قصة هذا الشريط على إيقاع  انتشار خبر حمل غير متوقع بأحد مناطق الهامش الصيني,وبطلته قاصر تدعى "يينغ" لا يتجاوز عمرها  14 عاما, ووجهت الاتهام إلى  أحد المدرسين في مدرستها.

المخرج ارتأى أن تنطلق  سلسلة أحدات الفيلم من مشهد عند طبيب العيون, ظهرت فيه البطلة"يينغ" تخضع  لفحص حول قصر النظر, واستخدم مع مدير تصويره وانكويهلو, جزء معتما من الشاشة, مع الانتقال من صورة ضبابية إلى أكثرأكثر وضوحا, وأراد بهذه اللمسة البصرية, أن يمرر رسالة بالتلميح إلى المشاهد منذ البداية, مؤداها  أن الرؤية لدى القاصر الحامل تتسم بعدم الوضوح وتفتقر إلى الدقة.

وقد يكونأحد أسباب وراء وضعها المهزوز هذا, كامنا داخل أسرتها,فوالدها ينتمي إلى فئة العمال المهاجرين, مما يجعله دائم التغيب عن المنزل, وهو ما يحول دون اضطلاعه  بدوره التربوي. وفي محاولة منه لتعويض هذا التقصير, قرر فتح تحقيق للبحث عن أدلة تدين المتهم الوحيد في قضية حمل ابنته.

بيد أن كل مجهوداته ستبوء بالفشل, ولن تفضي إلى أي نتيجة. وساهم في عدم بلوغه الهدفالمنشود,إصرار مدير المدرسة حماية المدرس الموجهة إليه أصابع الاتهام, وفي كل مرة يكون جوابه واحدا, أن التحقيق الداخلي لم يكشفأي دليل إدانة حتى الآن. أمام يأس والد الضحية, لجأ إلى أسلوب التهديد المباشر للمدرس باستخدام السلاح الأبيض, ولم ينفع حتى هذا الأسلوب في دفعه للاعتراف ببنوة المولود القادم, ما لم تقدم البراهين على أنه الأب الشرعي.

في هذه  الأثناءوبعدما استعصت الأمور, دخل على خط القضية, الصحفي الأشهر في المدينة والقريب من العائله اسمه "جيا" حاول مقاربة الموضوع من زاوية تحويله إلى قصة وحكاية, لهذا حمل معه إلى منزل"يينغ" كاميرا وصور معها لقاء, أملا في ممارسة نوع من الضغط على الشرطة والمدرسة, حتى يرغمهما على الإهتمام بالقضية.

بيد أن المثير للاستغراب  في توالي شريط كل هذه الأحداث, أن المعنية الأولى بالقضية, إذا استثنينا توجيه اتهامها في البداية إلى المدرس, ظلت مقصية ومستبعدة تماما وكأنها غير موجودة, ولم يطلب حتى مجرد رأيها بخصوص قرار إكمال الحمل الحمل لإجراء تحليل الحمض النووي كوسيلة قاطعة لإثبات النسب.

هذا التعامل اللامبالي مع الطفلة القاصر "يينغ"  كان مقصودا , إذ يحاول بشكل ضمني الإشارة إلى وضعية المرأة والتعامل المهين معها, ما أن أن تخرج إلى الحياة كطفلة, تغدو مكروهة  ومنبوذة داخل أسرتها, بل وتعتبر في إطار هذا المجتمع البطريركي والعتيق جداعنوان للفشل, وهو ما عبرت عنه بطلة الفيلم في حوارها مع والدها, لما قالت بأنه يكرهها على الدوام, ويتعامل معها كما لو أنها طفل بإلزامها بقصة شعر ولباس ذكوريين .

بعيدا عن كل مجريا وتطورات قضيتها, قرر مخرج العمل نقل "يينغ" إلى المدينة وتحديدا داخل مؤسسة لإيواء المراهقات فيوضعية صعبة, إذ ظهرت عليها علامات الإحساس بالأمان بعد اندماجها في بيئتها الجديدة.

ويعد أداء الممثلة زهانكتونكسي "يينغّ الطبيعي وتعاملها الحماسي نسبيا اتجاه المجتمع,من أهم أسباب قوة هذا الفيلم الاجتماعي وفاعليته, عدا ذلك فإن المخرج والكاتب في الوقت نفسه أضاع رأس الخيط مع توالي أحداث الفيلم لدرجة عدم معرفة اتجاه سيرها مقارنة مع البداية.

ولعل هذا ما يفسر الإعتذار المسبق للحاضرين قدمه المخرج, في يوم العرض عن بعض الغموض المتضمن في فيلمه معتبرا إياه مقصودا لدفعهم إلى مزيد من التفكير.