السياسة

التعليم أولا.. التعليم أساسا

حكيم بلمداحي الثلاثاء 17 سبتمبر 2019
Ministère-de-léducation-nationale
Ministère-de-léducation-nationale

الاستثمار في الطفولة، هو الرهان الجديد لبرنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية الذي سيشرع فيه المغرب بداية من هذه السنة. المشروع أعلن عنه الأسبوع الماضي بالرباط.

المشروع الجديد يعلن عن تغيير في أسلوب عمل برنامج التنمية البشرية، الذي بينت الأيام أنه، على أهميته، لم يحقق المطلوب في مجال التنمية، على الرغم من صرفه ميزانيات ضخمة.

البرنامج الجديد، الذي سيتم إطلاقه بمناظرة وطنية في جميع جهات المملكة يوم الخميس، يستهدف الطفولة، ويرمي إلى إنشاء وحداث مدرسية للتعليم الأولي خاصة بالأطفال ما دون السادسة في العالم القروي.

البرنامج وضع نصب عينيه ثلاثة أهداف أساسية هي:

1- تذويب الفوارق في التمدرس.

2- تقليص الهدر المدرسي.

3- تعميم التعليم الأولي بالعالم القروي في غضون عشر سنوات.

البرنامج سيبدأ هذه السنة بـ1200 وحدة في أفق بلوغ 15 ألف وحدة مدرسية للتعليم الأولي بالعالم القروي في ظرف خمس سنوات. ووضع البرنامج تصورا متكاملا بخصوص نموذج التمويل والتدبير المستدام، قائمة أساسا على إشراك النسيج الجمعوي المحلي في المشروع.

المناظرة المزمع تنظيمها في الأيام القليلة القادمة ستفسح للفاعلين المحليين والخبراء في تطعيم التصور وإرساء دعائم أجرأته.

أهمية المشروع كبيرة جدا لأنه يقوم على الاستثمار في الرأسمال البشري، وهذه أولوية وشرط التنمية في البلاد. المغرب الذي تعتبر موارده الطبيعية محدودة جدا ولا يمكنها أن تؤثر في مؤشر التنمية، يبقى أمامه خيار فعال وأساسي هو الاستثمار في الرأسمال البشري. هذا الاستثمار الذي من المفروض أن يكون البداية. والاستثمار في الرأسمال البشري ينطلق من التعليم. فالتعليم الجيد والمبني على البرامج الاستشرافية والمنفتح على العالم وعلى المستقبل هو أساس نمو وتطور الشعوب والمجتمعات. فهل برنامج الاستثمار في الطفولة المبكرة سيكون هو البداية؟

في الإعلان على المشروع تم التطرق إلى نقطة أساسية وهي أن أطفال هذه المبادرة سيتم تتبعهم في كل مراحل دراستهم بنظام للتتبع والتقييم يقول الوزير إنه فعال جدا. هذا الأمر قد يجعل من المشروع قاطرة لبناء الإنسان المغربي.

طبعا لا يمكن سوى التصفيق للمبادرة الجديدة، بل واعتبارها البداية الحقيقة في سبيل التنمية. لكن لابد من التذكير مرة أخرى بواقع التعليم في البلاد الذي يجب الاستثمار فيه بشكل لا يقبل الحسابات الضيقة في الميزانيات والتوازنات الماكرو والميكرو اقتصادية وغيرها من التسميات الكبيرة الرنانة. التعليم هو أساس التنمية وهو رافعة الاقتصاد والاجتماع والثقافة وكل شيء. صحيح أن المغرب يوجد في وضع مالي واقتصادي يسمح بتدخل فاعلين خارجيين من قبيل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرهما. لكن هذا مستقبل بلد وعلى الحكومة أن تخلق حلولا فيها الكثير من الإبداع من أجل مغرب الغد ومغربي الغد.

تحول برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى الاستثمار في الرأسمال البشري هو تحول يتماشى مع طموح خلق نموذج تنموي جديد، لكن البرنامج يستلزمه رؤية شمولية وعمل حكومي متكامل في مجال التعليم بشكل عام، تصورا وبرامج ونموذج تمويلي وتدبيري وغيرها.