مجتمع

شباب دوار الحاجة بالرباط يصرخون بؤسهم

فطومة نعيمي الاحد 17 مارس 2019
1293359913
1293359913

AHDATH.INFO

في شريط تسجيلي مدته تناهز الثلاثين دقيقة، ضمن شباب حي الفرح، المعروف ب"دوار الحاجة" بمقاطعة اليوسفية بالرباط، صرخة قوية بالبؤس، الذي لم يعودوا يطيقونه.

شباب من قلب أشهر بؤرة للفقر والتهميش والإجرام، صاحوا اختناقهم بواقع مزري في عاصمة مغرب التنمية.

وبعد أن ظلوا عقودا، وخاصة العقد الأخير، يحرصون بقوة الدم على تسييج واقعهم من خلال حظر دخول الغرباء إلى حيهم، هاهم أضحوا يبحثون عمن ينقل صورة وصوتا معاناتهم الموشومة بالدم والجرح .

حي عشوائي، نماه "خذلان" السياسيين، الذين حولوا الساكنة إلى قلاع انتخابية، لما يُناهز خمسة عقود. فتسببوا من خلال جشعهم ( منتخبو الحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة)، في تكريس التهميش والإقصاء على أجيال بأكملها في فضاء عشوائي يُشبه مجاليا أو هندسيا متاهة.

أعلى نسب الإجرام بكل أنواعه وأعلى نسب البطالة وأعلى نسب الهدر المدرسي، تُسجل بهذا الحي المأهول، الذي يحمل عن حق شعار "الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود".

شباب الحي، الذي ضاق ذرعا ببؤس واقعه، ويكفيه أن يقطع بضع أمتار خارج حيه ليعاين ما تعرفه المدينة من إصلاحات ومن مشاريع هيكلية مغيرة لوجهها الحسن أصلا، فلا يجد نفسه معنيا بكل تحولات العاصمة، أضحى ينتفض شيئا فشيئا ضد "عاصمة الإجرام"، الذي هو حيه والذي كان هو من اختار له هذا الإسم تحديا منه للسلطات على اختلاف تلاوينها، والموكول لها تدبير شأنه العام. أضحى يكسر جدار العزل عن واقعه.

عديدة هي المواقع أو الصفحات الإلكترونية المتحدية، التي خلقها شباب تائه وظل يطعمها بفيديوهات تُظهر تمرده العنيف عن واقع أعنف . تمرد يعكس من خلاله وجوده بقلب العاصمة، التي يبدو أنها تتجمل للعابرين وتتجاهل بشاعة بعض منها طالما أنه ليس تؤللا في الأنف وإنما حي قابع بعيدا عن الواجهات الجميلة.

تعاقب المسؤولين الترابيين ودينامية المجتمع المدني لم يسعفا الساكنة في تحسين واقعها. لذلك، هي الآن، وبعد أن تنامى عند الكثيرين منها هاجس الترحيل( في ظل الحديث عن برنامج لإعادة تأهيل الحي) تسعى لأن تعلي الصوت وتصرخ قدر الإمكان أنها موجودة ليس فقط كساكنة لبؤرة اختلط فيها الإجرام بالفقر بالإقصاء، ولكن كفئة اجتماعية تريد أن يتم التغيير معها وبتشاور معها .

وهاهي الساكنة أضحت تطالب بالأمن، بعد أن ظلت سنوات تقاوم رجال الأمن وتتحداهم وتمنع قيامهم بواجبهم في أزقة متعرجة صعبة الولوج لا يُتقن سلوكها إلا أبناء الحي. ذات الساكنة، أضحت منفتحة على الإعلام بعد أن ظلت سنوات تهاجم بشراسة كل من اقترب من دواخلها.

شباب حي الفرح، أعلوا الصرخة قويا، فهل هناك من سيُحسن الإصغاء لصرختهم البائسة واليائسة.