رياضة

#ملحوظات_لغزيوي: أكثر من مباراة !

المختار لغزيوي الخميس 31 يناير 2019
_105397113_gettyimages-1125987702
_105397113_gettyimages-1125987702

AHDATH.INFO

لم تكن مباراة في الكرة فقط. كانت مباراة في السياسة، وفي الرد على المقاطعة أو الحصار، حسب التسمية التي يستعملها كل واحد، وكانت مباراة رد اعتبار لطرف رأى أن جمهوره حرم من متابعة الكأس الآسيوية لأسباب سياسية، ومباراة تأكيد قوة للطرف الآخر الذي يريد تأكيد أحقيته في الفوز باللقب وبالدورة المنظمة على أرضه.

في نهاية المطاف انتهى اللقاء برباعية قطرية قاسية على الإمارات، وترك ندوبا كثيرة على الوجه العربي المشترك، جسدتها شتائم تويتر التي بلغت قبيل المباراة وأثناءها وساعات قليلة بعد انتهائها قمة مايمكن أن يصله (التآخي العربي والتضامن العربي، والحب العربي) وكل شيء يحمل هذا الوصف العربي المخجل بالفعل هاته الأيام...

ومع ذلك دعونا نلتمس للإخوة في قطر والإمارات، ومعهما السعودية في المنتصف، عذرا كثيرا في الحدة التي حملوها لمباراة في الكرة هي مباراة في الكرة في النهاية لا أقل ولا أكثر. فالوسائط الأجنبية المختلفة التي تدخلت بين الأطراف جعلت اللعبة تستعر بينها إلى أن أصبحت على الحال المخجل الذي جسدته تلك النعال وهي ملقاة على لاعبي الأدعم القطري بعد فوزهم المستحق وعن جدارة على الأبيض الإماراتي.

الكثيرون من المغاربة المسنين - بسبب تلك الحدة - تذكروا يوم فازت علينا الجزائر بالخماسية الشهيرة، في ذلك الزلزال الكروي الذي هز الرياضة المغربية. والكثيرون قالوا بأنه ليس من حقنا أن نلوم القطريين والإماراتيين على السباب البذيء الذي تبادلوه فيما بينهم بمناسبة هاته المباراة الخاصة، لأننا فعلنا نحن وأهلنا في الجزائر مثل ذلك وأكثر نهاية السبعينيات..

أيضا فعلها المصريون والجزائريون أيام موقعة أم درمان الشهيرة التي سارت بذكرها الركاب، ورأينا فنانين وإعلاميين مصريين محتجزين في السودان وهم يبكون ويطلبون الإغاثة مما فعله بهم جمهور الجزائر، ورأينا أشياء أفظع في الكرة عندما تخرج من طورها الكروي وتدخل طور السياسة واللعب بالهويات ومس الأوتار الحساسة، لذلك لا إشكال. غمة كروية وستزول...

سينسى الناس هاته المباراة، وربما يأتي زمن ينسون فيه حتى هاته المقاطعة أو الحصار بعد أن تتغير الأمور إلى ماستتغير إليه، والله وحده يعلم إلام ستتغير هاته الأمور في تلك المنطقة الغريبة والمشتعلة لوحدها وغير المحتاجة أصلا لمن يزيدها اشتعالا..

كل هذا عادي، لكن شيئا أساسيا هنا في المغرب استوقف كل المتتبعين هو اصطفاف الناس مع  هذا المنتخب أو ذاك حسب الموقف السياسي.

لنقلها بوضوحنا الذي اشتهرنا به نحن الذين لا نحب كثيرا اللف والدوران: موالو تيار معين اختاروا بلدا، والآخرون اختاروا بلدا ثانيا، وكل طرف تفنن  في حمل القتال المشرقي إلينا والتنافس بالعبارات التي تنافس بها القطريون والإماراتيون في شتم بعضهم البعض مع قليل من المغربة للأشياء

طيب، القطري والإماراتي يشتمان بعضيهما لأجل نصف نهاية كأس آسيا، والمغربي "آش حرق شطاطتو؟". هذا هو السؤال الوجيه.

هنا يبرز التأثر بالقنوات المشرقية سواء التابعة لهذا البلد أو ذاك، وهنا تبرز قوة وسائل الإعلام ومدى قدرتها على صنع الرأي العام وتوجيهه، وهنا يطرح علينا السوال في الإعلام المغربي عن مدى قدرتنا على مواجهة هذا المد الجارف المسلح بإمكانيات مادية هائلة ولا توصف لكي نصنع رأينا العام بطريقتنا المغربية، ولكي نحصنه لئلا يسقط في هاته الأهواء التي تتلاعب به بين هذا البلد وبين ذاك

عندما تخطئ وتبحث في أكثر وسائلنا الإعلامية تأثيرا ستجد هبوب رياح كثير، وفراغا أكثر، وعدم قدرة حتى على تناول أبسط الأشياء

لحظة توقف هي، بل تستطيع أن تصفها بأنها لحظة تحنيط وتجمد، ووقوف مستريح على ناصية الفرجة على الآخرين، وإفراغ تام لميدان اللعب الإعلامي والتلفزيوني مادمنا نتحدث عن الكرة واللعب وما إليه واكتفاء بانتظار مجيء الفرج من حيث لا ندري

عندما ترى هذا الاصطفاف المغربي مع هاته الجهة أو تلك تشعر برعب كبير إذا كنت معنيا بوطنك، وتتمنى له أن يكون مؤثرا لا خاضعا للتأثير، ذا شخصية، لا منخرطا في التصفيق لهذا أو ذاك، متابعا لا تابعا، وقادرا على إشهار انتمائه بشكل كامل ودون أي عقد لا محل لها من الإعراب

طرف ما يجب أن يقول لنا لماذا وأن يشرح لنا الحكمة، وأن يوضح لنا متى سنبدأ في العمل في ميدان انتهى منه الآخرون، وسيشرعون في الانتقال إلى مجالات أخرى فيما نحن لازلنا نواصل التجريب واستطبنا الفرجة على مالدى الآخرين

صراحة لا نفهم، ولا نستطيع أن نفهم، لأنها غير مفهومة بكل اختصار وبكل صراحة أيضا...

مبروك للأهل في قطر وهارد لاك للأهل في الإمارات، والعقبى لنا أن تصبح لدينا قنوات ووسائل إعلامية قوية تصنع الرأي العام في الدول الأخرى وتوجهه حسب أهوائنا المغربية نحن أيضا…

"علاش لا آسميتك؟".