مجتمع

#ملحوظات_لغزيوي : حامي وبنعيسى...الحقيقة فقط !

المختار لغزيوي الجمعة 14 ديسمبر 2018
files1-600x300-c
files1-600x300-c

AHDATH.INFO

واهم من يعتقد أن حكاية آيت الجيد هي حكاية عابرة للتسلية السياسية، أو لتصفية الحساب أو لشيء من هذا القبيل الذي سمعناه منذ أن ذاع وشاع نبأ محاكمة حامي الدين بتهمة القتل العمد والمشاركة  في هذا القتل.

الحكاية أكبر بكثير، وهي تهم الحقيقة وتهم من يريدون منع الناس من معرفة الحقيقة

كيف ذلك؟

عندما نرى حزبا يقود الائتلاف الحكومي ينتفض على القضاء المغربي بهذا الشكل غير المسبوق، ويصدر البيانات المهاجمة، ويكلف وزراءه بأن يسبوا ويشتموا هذا القرار وأن يحقروه، وأن يتهمواالقضاء المغاربة بأنهم أداة سياسية، نفهم أن الحكاية أكبر وأن المراد فعلا هو إخفاء الحقيقة عن الناس

عندما نرى حزب رئيس الحكومة يقول لنا في تهديد واضح وصريح "ستفتحون أبواب جهنم إذا ماواصلتم هذا الملف"، نفهم أن المسألة ليست تفصيلا تاريخيا عابرا يمكن أن نقفله ونمضي، بل هي انعكاس للوجه الحقيقي يراد الآن بهذا الكم الكبير من الماكياج ومن الرتوشات الخادعة إخفاؤه أو تزويره لئلا يراه الناس على حقيقته

دعونا في هذا المكان نقولها وأجرنا على من خلقنا لأننا لانخشى سواه: علاقة الحركة الإسلامية بالاغتيال السياسي علاقة قديمة، وطيدة، ثابتة ولا مجال إطلاقا لنفيها

منذ النقراشي وحتى آخر اعتداء إرهابي في ستراسبورغ منذ يومين، كان قتل المخالفين لدى تيار الإسلام السياسي أمرا معمولا به ومقبولا ومستحبا بل وفي أحايين عديدة مأجورا صاحبه عليه

تغيرت الأمور؟

نعم، تغيرت كثيرا. لم تعد اللحى بذلك الطول الذي عرفته أجيال السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات. لم تعد الشعارات نفس الشعارات، لم يعد الكلام نفس الكلام، لكن الأغنية علمتنا دوما أن الصب تفضحه عيونه، وأن الزمار مثلما يقول لنا المصريون في مسلسلاتهم "يموت وصوابعو بتلعب"، وعندما يظهر من التاريخ اليوم تفصيل أساسي وكبير يقول عكس ماتم التوافق عليه في حينه وأوانه في إطار اللعب السياسي الذي يقبله الإخوان عندما يكون لصالحهم، لكن يرفضونه عندما يكون ضدهم، (عندما يظهر هذا التفصيل) لاينفع إطلاقا أن نمثل دور من لم ينتبه إليه، من لم يره، من لا يعيره اهتماما فقط لأننا اتفقنا على أن نقبل المساحيق والماكياج وبقية الرتوشات

المطلوب اليوم هو الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة. ليس المطلوب إدانة حامي، ولا المطلوب تبرئته. المطلوب أن يعطى للناس إذن نهائي بالعزاء وبقراءة السلام لروح آيت الجيد بعد التعرف على ملامح قاتله وألا يعيش هذا القاتل في سلام

فقط لا غير. أما أن نهرب إلى الكلام الكبير، وأن نقول مثلما قال الساذج من علياء جهله ومن علياء رغبته فقط في الهروب، إن حامي يدفع ثمن مواقفه الكبيرة من الدستور ومن الملكية ومن هاته الأشياء، فإننا نهرب بعيدا حد هروب العقل منا وحد عدم قدرتنا على قول أشياء بسيطة وسوية وسليمة تقنع العقل السليم.

هذا الملف ابتدأ قبل "البام" بكثير ومن اقتربوا منه يعرفون ذلك، والوقائع التاريخية له مضبوطة عند جزء ممن عاشوه، وبعض من عاشوه يشغلون اليوم مناصب قيادية في جمعيات تحاول هي الأخرى اللعب بالتاريخ مثل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي كان نائب رئيسها الحالي هو من ذهب بآيت الجيد إلى السكانير ذات أحد، وهو الذي تلقى تقرير الأطباء الأول عن الطوار الكبير، ويمكنه بكل سهولة أن يحكي للنهج وللجمعية التفاصيل، كل التفاصيل...

الأخطر في الحكاية كلها هي أن الكل يعرف، لكن الكل اتفق في لحظة من اللحظات على النسيان، على القول "صافي لقد دفنا آيت الجيد ودفنا معه الماضي".

سوى أن هذا الطالب الفقير بقي حيا معاندا عنيدا ورفض الدفن.

هل أخرجته عائلته من قبره؟ هل أخرجه أخوه؟ هل أخرجته جهة حزبية ؟ هل أخرجته التماسيح والعفاريت؟ هل أخرجته جهات مجهولة؟

لا نعرف ولا يهمنا أن نعرف. يهمنا فقط أنه خرج وأنه يطالب اليوم بالحقيقة فقط لا غير

نكررها ودون كلام كبير ودون هروب إلى الشعارات الفارغة التي لا تغني ولا تسمن من جوع: الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة

إذا ماثبت - بقرار من القضاء المغربي -  أن حامي بريء  يجب أن يخرج هذا الأخير برأس مرفوع وأن يعتذر له كل الذين رأوا فيه طيلة كل هاته السنوات مجرد قاتل متستر في السياسة

إذا ثبت - بقرار من القضاء المغربي دائما - أن حامي مدان، تبقى العقوبة متروكة لتقدير القاضي وتبقى الحقيقة من نصيب جثة آيت الجيد التي آن لها أن تدخل قبرها الآن مرة أخرى وأخيرة مرتاحة أن الناس علمت بالحقيقة والسلام

المسألة بسيطة وهينة وسهلة في الختام ؟ أليس كذلك ؟

ليس إلى الدرجة التي نتخيلها جميعا، ففي هذا المكان أخشى مايخشاه الناس هو الحقيقة، وهذا من قديم الزمان…

وللموضوع صلة بكل تأكيد، فهو ذو شجون، ويبدو أنه سيصبح ذا سجون في القريب العاجل إذا ماسارت الأمور على هذا المنوال...