ثقافة وفن

قضية بوعشرين.. وسائل الاثبات والمصلحة العامة

أحداث أنفو السبت 15 سبتمبر 2018
بوعشرين
بوعشرين

AHDATH.INFO

بقلم: د. رشيد لزرق

نهج دفاع المتهم بوعشرين المتابع بجريمة الاتجار بالبشر استراتجية، تعمتد علي تمويه الرأي العام الوطني، غايتهم التشكيك في العدالة، عبر الرفع من منسوب التسيس، وضمن هذا السياق تم طلب الخبرة من مؤسسة سيادية تتمثل في مختبر الدرك الملكي، للتأكد من صحة الفيدوهات الجنسية المتابع بها المتهم توفيق بوعشرين.

و بعد خروج الخبرة من حق الرأي العام المتابع للقضية تتبع وسائل الاثبات، وقد تم تسريب العديد من الصور التي تثبت كون صاحب الصورة هو توفيق بوعشرين، من دون أن تكون هناك صور فاضحة.

و برز معاها نقاش قانوني وأخلاقي حول قانونية هذا التسريب وعلاقته بأخلاقية مهنة الصحافة.

لهذا ارتاينا وجوب التوضيح من خلال التمييز بين الإطار القانوني على ضوء المواثيق الدولية لمعايير المحاكمة العادلة والبعد الأخلاقي لنشر صور المتهم :

1- الوجه القانوني للنشر الصور

بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي تطرق في المادة 14 منه لمعايير المحاكمة العادلة، لم يتطرق نهائيا للنشر صور المتهمين، كمخل بمعايير المحاكمة العادلة، بل اكتفى المشرع الدولي بالتنصيص على قرينة البراءة، وعبء الاثبات على النيابة العامة، والمحاكمة الحضورية.

وجميع المعايير المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص مضمنة في قانون المسطرة الجنائية المغربية، وتم احترامها في نازلة بوعشرين من إجراءات تفتيش وقبض.

بالإضافة إلى كون المتهم شخصية عمومية باعتباره مدير جريدة، وفاعل في المجال، وقضيته باتت قضية رأي عام، وجزء من محاميه يطالبون برفع السرية، وجعل المحاكمة علنية.

كما أن نشر الصور لا يمكن أن يتضمن تأثيرا على سير المحاكمة لكون القضية باتت في المحكمة وتجاوزت مرحلة التحقيق، لهذا فإن نشر صور المتهم في هذه المرحلة، قانونيا، لا يعرف منعا، بموجب قاعدة أن الأصل في الأشياء هو الإباحة.

إن إظهار الأدلة المتابع بها المتهم فيه مصلحة عامة وهي تحقيق الاطمئنان لمؤسسة النيابة العامة، بالنطر للتشويش الذي حاول دفاع المتهم خلقه بانكار وجود الفيديوهات واعتبار القضية تلفيق من قبل الأجهزة، لهذا فإن إعلان الأدلة أمر تستوجبه المصلحة العامة.

2 -الوجه الأخلاقي لنشر الصور

أخلاقيا، صحيح أن نشر الصور المتهم يطرح نقاش الأخلاق المهنية للناشر، و هنا و خلافا لما اتجه له البعض فإن نشر الأدلة، به مصلحة عامة تتمثل في طمأنة الرأي العام الوطني، ذلك أن الفائدة عامة تقتضي تنوير الرأي العام، بكون القضية لا علاقة لها بحرية الرأي المكفولة بالدستور، بل بجريمة بشعة ومدى خطورة الأفعال الإجرامية المنسوبة للمتهم، وتدخل في صلب مهمة الإعلام في تنوير الرأي العام.

أما الحديث عن مصلحة المتهم، فهو حديث له قوة، والذي يستوجب مراعاة كرامته كمواطن مغربي وتمتيعه بكافة معايير المحاكمة العادلة، فإن الصور المنشورة ليس بها صور مخلة بالآداب العامة.

كما أن جريدته تتولى تغطية كافة الحيثيات بل تعمل على نشر صورته وصور الضحايا، و بالتالي فإن مبرر نشر الصور ليس فيه أي فضح للشخص المتهم ولا يحتوي على أي ضرر، خاصة وأن جزءا من دفاعه يطالب بعلنية المحاكمة. بل إن نشر الصور هنا ضروري ويقصد به إعلان للجمهور حول جدية الأدلة المتابع بها المتهم توفيق بوعشرين.