ثقافة وفن

أزمة التصريح المتعمدة

بقلم: الجيلالي بنحليمة الاحد 02 سبتمبر 2018
نبيل-بنعبد-الله-وزير-السكنى-و-التعمير-و-أمين-الحزب-الشيوعي-المغربي
نبيل-بنعبد-الله-وزير-السكنى-و-التعمير-و-أمين-الحزب-الشيوعي-المغربي

AHDATH.INFO

الصحافة عالم محفوف بالمخاطر، ومحاط بالكثير من قشور الموز، خاصة بالنسبة للمجتهدين وهم قلة، كما يعلم الجميع، فالعادة جرت أن يخطأ المجد ويصيب المتقاعس بسكوته وطلبه للستر.

جزء من هذا وقع في نقل تصريح مفترض عن نبيل بنعبد الله، فطبعا استمع زميل لتصريح باسم جريدة أخرى في جلسة احتساء قهوة، وكان أن شاركه معي على أساس أنه تصريح من أمين عام التقدم والاشتراكية، ووقعنا في خطأ تم وصفه أنه من الزلات الكبرى في تاريخ صحافة البلد، ومن الآثام التي لا تغتفر بأي حالة من الأحوال.

تحملت مسؤولية نقل تصريح دون التيقن من مصدره، بحكم الثقة في زميلي، واعتذرت عن ذلك لنبيل بنعبد الله لأني أومن أن الخطأ خطأ وأن تصحيح الخطأ يتم عبر تحمل المسؤولية أولا والاعتذار لمن طاله السوء ثانيا، لكننا جسدينا أنا زميلي نكل بهما من قبل القريب قبل البعيد.

الصورة الخفية في الموضوع أن نبيل بنعبد الله الذي صدر أزمة داخلية يعيشها حزبه نحو مقال صحافي مستعينا، بكاتب مستعار ليصف العبد لله بالكذاب وأبخس النعوت في حق مؤسسة الأحداث المغريبة، كانت نتيجة اللقاء الذي جمعه بسعد الدين العثماني.

فعبارة إن ردود العثماني حول حذف كتابة الدولة في الماء كانت « معتمدة » لدى وفد التقدم والاشتراكية الذي ضم وزراء وعضو من مجلس الرئاسة عُين سفيرا قبل لقاء العثماني، كان حجر الزواية في الموضوع، وضربت في الصميم ما كان نبيل بنبعد الله يريد اللعب عليه في مواجهة مناضلي الحزب، الذين كان بنعبد الله يعطيهم صورة الغاضب والمتعصب وفي واجهة الستار كان يريد الحد من خسائر الحزب ما يضمنه البقاء في الحكومة لنهاية الولاية.

وفد التقدم والاشتراكية، خرج مقتنعا أن حذف كتابة الدولة في الماء أمر يتجاوز العثماني، الذي كانت تتوفر لديه تحقيقات قضاة المجلس الأعلى للحسابات حول القطاع والتي شتنشر في تقرير العام القادم.

وفضلا عن ذلك كانت بين يديه تحقيقات داخلية  عن تدبير قطاع استراتيجي ترأس فيه الملك بصفة شخصية ثلاث اجتماعات أحدهم حضرته شرفات أفيلال، في أفق عقد مناظرة وطنية تحت رئاسة الملك.

لكن نبيل ووفد دهاقنته لعب على حبل واحد في بلاغ المكتب السياسي تحميل العثماني المسؤولية، وتصعيد اللغة نوعا ما في اتجاه واحد هو رئيس الحكومة، ووزيره في التجهيز والنقل عبد القادر اعمارة، دون امتلاك جرأة التعبير بصراحة عن الأسباب التي سمعها من رئيس الحكومة، الذي وصفه قبل اللقاء بالكذاب، ويبدو أن هذه الشتيمة أصبحت لازمة عند كتبية بنعبد الله، التي توجد في محل ما « فوق الشبهات ».

نافق نبيل الله مناضلي الحزب ببيان هاجم فيه العثماني، وأعلن عقد دورة غير عادية للجنة المركزية بعد أربعة أسابيع من إقالة شرفات أفيلال، وإقبار القطاع الوزاري الذي كانت تدبره، وكأن الاستعجال وحالة الاسثتناء في التنظيم يمكن أن تعالج في أسابيع بدلا الحسم فيها لأيام.

طبعا نبيل بنعبد الله يراهن على معالجة الأيام لغضب المناضلين من الصفعات المتوالية التي يتلقاها التنظيم من قبل الحلفاء في صيغتهم الجديدة بعد سنوات « الفشوش » التي انتهت لغير رجعة مع حكومة عبد الإله ابن كيران، حتى وهو يعلم أن حزبه لن يغادر مقاعد الحكومة حتى ولو بقي وزير واحد أو نصف وزير.

فالخروج للشمس يعني الخروج لسنوات الضياع، لهئية سياسية تعاني في سنوات الأخيرة هشاشة ما بعدها هشاشة، ولولا محافظة « سيرومات » الحكومات التي تعود عليها الحزب عشرين سنة متواصلة، لكان ورثة الشيوعين قد انتهوا كما قال نبيل بنبعد الله ذلك في حق الاتحاد الاشتراكي في وضع يشبه إحدى الجمعيات.

لا أبرر الخطأ الذي وقعنا فيه رقفة زميلي، لكن خلافي مع بنعبد الله بدأ منذ مدة، وبالضبط بعد الإعفاءات الملكية التي طالته وطالت زميله في الحزب الحسين الوردي، وتطورت لتصبح مواجهة مباشرة في لقاء للأغلبية الحكومية في مركز تابع لوزارة التجهيز بالعاصمة الرباط، نبيل وكعادته استغل تواجد الصحافيين ورفاقه في الحزب، ليركب على حائط قصير في شخص العبد لله، الذي رفض أسلوبا فجا ووقحا صادر عن أمين عام، يريد أن تكون علاقاته بالصحافيين على شاكلة واحدة، تلاميذ ينهرون ويستعمون لمعلمهم النبيل.

يعلم بنعبد الله كما غيره في التقدم والاشتراكية، ومنهم أصدقاء كثر أعزهم، ولا بد من تقديم اعتذاري لهم عن الخطأ، أن التحامل على التقدم والاشتراكية لم يكن في يوم من الأيام من منهجي، ولا غاية لي في ذلك لكن الذي دبج بلاغ الجيلالي الكذاب يعلم أن وزيرا من الحزب اكترى كرسين بعشرة ملايين سنتيم، وشيد عازلا لمكتب بأربعين أخرى، ونشرنا ذلك في الأحداث المغربية، بعدما أخذنا رأيه في الموضوع، وبعدها أقفل الملف.

يعلم بنبعد الله أيضا أن وزيره الجديد في الصحة أعاد مديرا عاما لمديرية هامة في قطاع الصحة سارت بذكره الركبان أيام الراحل التهامي الخياري، عندما قدم سائقه الخاص صورا لمئات الشيكات التي كان يتلقاها في نفس المديرية التي أعاده لها تلميذه القديم، نظير توقيع براءات أو شهادت استيراد الأدوية أو المستلزمات الطبية، هذا البروفايل الهائل أعاده وزير من الحزب.

فكم يساوي خطأ ارتكبه صحافي في حكقكم السيد الأمين العام عشر العشر أو جزء مئات فيما يتقترونه في حق وطن باسم المصلحة العامة؟