اقتصاد

أزيرار في حوار مع «أحداث أنفو»: هذه ملامح النموذج التنموي الذي نحتاجه

حاوره:أحمد بلحميدي الثلاثاء 17 أكتوبر 2017
-1
-1

AHDATH.INFO

أكد الخطاب الملكي بمناسبة الدخول البرلماني، بأن النموذج التنموي المغربي، وصل إلى نهايته وحان الوقت لبعث نفس جديد في هذا النموذج. ما الذي وقع بالضبط، علما بأن هذا النموذج، كانت له نتائج إيجابية طيلة السنوات ال17 الماضية على مستوى النمو؟


 

النموذج  استنفذ فعلا  صلاحياته،  لأن  واقع المغرب في محيطه الخارجي قد تغير. كما ان لكل نموذج مدة صلاحية معينة ما دام في تناغم مع متطلبات البلد واهله.

منذ 2007 تغير وجه العالم واقتصاده بشكل كبير بعد الهزة الأعنف منذ أزمة 1929. كما أن المغرب رغم عدم انغماسه الكلي في العلاقات المالية الدولية قد سجل تراجعا ملحوظا في نسب التنمية منذ تلك الفترة.

أول المتغيرات الدولية هي تراجع اللبرالية المطلقة بل ودخول دول كبيرة اقتصادية في مرحلة من الانزواء الداخلي لحل المشاكل المحدقة بها بل وحتى الحمائية والدعوة الى إعادة توطين الاستثمارات.يقع هذا في نطاق سياسي محموم أدى الى صعود قوات سياسية متطرفة وحتى نزعات إقليمية إستقلالية.

في محيطنا المتوسطي والمغاربي والعربي والساحلي الصحراوي ، فقد تفاقمت الاضطرابات
وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والامني مع تنامي الاٍرهاب الدولي. 
على المستوى الداخلي وكما يعلم الجميع فقد انخفضت معدلات النماء في وقت يشهد فيه المغرب انتقالا ديمغرافيا يدفع بإعداد هاءلة من الشباب الى سوق الشغل.

وهذا رغم الزخم الهائل للاستثمار العمومي اللذي مع الاسف ابان عن قلة مردوديته وذلك لعدم الدعم الكافي له من طرف لاستثمار الخصوصي المنتج خصوصا الوطني. الشيء الذي ترتب عنه عجز متفاقم لميزانية الدولة وارتفاع المديونية في وقت تفاقم كذلك فيه خلل الميزان التجاري.

اخطر من هذا عدم قدرة الاقتصاد المغربي على خلق العدد الكافي من مناصب الشغل لامتصاص العدد الكبير من الشباب سواءا منه الحامل للشواهد العليا او غيره وحتى من خريجي التكوين المهني. الاصعب هو ان نسبة القوة العاملة في السكان تراجعت الى مستوى اقل من 40% كما ارتفعت نسبة التبعية الاجتماعية .

كما أن  الإنتاجية المغربية في تدني على المدى الطويل الى 1,2% سنويا في الوقت الذي نحتاج فيه الى 2% على الأقل وباسترسال.
لن يفوت كذلك ملاحظة تفاقم  الفوارق بين الفئات، رغم ارتفاع مضطرد للدخل الوطني المتوسط منذ سنين. كما أضحي غير كاف بالنسبة للمواطن الاقتصار على  تنميق المدن وشوارعها ، وان كان هذا مهما، في وقت لا تستفيد فيه البوادي وحتى ظواحي المدن من الطفرة التجهيزية المحققة.
مع العلم ان تدني الخدمات الاجتماعية الرئيسية،  وخصوصا بالنسبة للشرائح المتوسطة من السكان التي تتضرر بوتيرة مضاعفة لعدم ملاءمة هته الخدمات وللضغط الضريبي الذي تتحمله.

 

ماهي أبرز تمظهرات واختلالات هذا النموذج؟ 

باختصار شديد يشكو النموذج الاقتصادي المغربي حسب دراسات متعددة من ثلاث اختلالات بينة: 
-التكوين الغير الكافي وغير الجيد للقدرات البشرية الوطنية، مع ما لهته الحالة من انعكاسات عدة على جميع الاصعدة. 
-قلة القطاعات الحيوية المنتجة والتنافسية خارجيا والخلاقة لمناصب الشغل اللاءق ، وذلك لتواجد ريع لا زال قائما ولعدم اهتمام راس المال المغربي بتلك القطاعات موكلا إياها الى الاستثمار الخارجي.
-عدم نجاعة السياسات العمومية وذلك لعدم التناغم في ما بينها وعدم التكامل والتعاون بين الأطراف المسوءولة المتعددة ، وعدم التقييم الممنهج لتلك السياسات ، وطنيا ومحليا ، وقطاعيا ، وكذا قلة المحاسبة ان لم نقل عدمها بالمرة في بعظ المناحي.

 

وماذا عن أسباب هذه  الاختلالات؟

 

إن  الأسباب في جوهرها مرتبطة بهشاشة نظامنا الديمقراطي الذي كان يجب ان يكون مبنيا على أسس عمل شفافة وعلى احزاب سياسية قوية ذات إستقلالية في قراراتها، ومرتبطة بنبض الوطن والمواطنين ، وقادرة على تعبئتهم نحو الطريق الصحيح والمصلحة العامة.

باختصار ديمقراطية الموءسسات النزيهة تحت مظلة الموءسسة الملكية التي لا نقاش فيها.
السبب الثاني هو تشتيت المنظومة التسييرية الوطنية واثناء بعظ الهيئات من كل ربط بالمسوءولية العمومية بل وحتى من المحاسبة .

بمعنى اخر من الواجب وجود مخططات وطنية وجهوية ، طويلة ومتوسطة المدى، محكمة التحضير بطريقة تشاركية حقيقية وشاملة ، تجص نبض الساكنة على اختلاف مشاربها وإمكاناتها ومجالاتها، مما سوف يعطيها الثقة الكاملة في بلادها وفِي مؤسساتها.
السبب الثالث هو ترك الفوارق المجالية والطبقية تتسع خصوصا وان الحيف الضريبي وعدم عدالة توزيع الحوافز والريع يعمقون من هته الفوارق.

 


ماالذي يتعين فعله لبعث نفس جديد في هذا النموذج وجعله في خدمة كافة شرائح المغاربة؟

 

هذا أهم سؤال لأن الجميع بات متفقا على التشخيص. لعل أوضح كلمة هي التي فاه بها ملك البلاد الا وهي " الزلزال ان اقتضى الامر". نعم يجب على الفور احداث رجات متعددة على أصعدة مختلفة، مع التحكم بصرامة في الأمور لأنه  لا مجازفة بأمن البلاد أبدا.

أول رجة من الضروري أن تطال نظامنا الديمقراطي. اذا اقتضى الحال ان تجرى انتخابات سابقة لأوانها بطريقة شفافة غير مسبوقة وبحيادية إيجابية للدولة لكي تلج البرلمان نخبة مؤهلة ونزيهة ومشببة جديدة قادرة على ان تذكي الدينامية المتوخاة، فليكن. الكل واع بان أشكال النموذج الاقتصادي هو سياسي بالدرجة الاولى. لقد جربنا التقنوقراط بما فيه الكفاية .

حان وقت للمزاوجة  بين التقني والسياسي الجديد، وهذا أمر ممكن لأن  المغرب له كفاءاته في الداخل وفي الخارج .
الرجة يجب كذلك ان تغير المنظومة الإدارية الوطنية والجهوية والمحلية، لانه لا يمكن ان يستمر الحال على ما هو عليه من تدن للإنتاجية وروح المسوءولية.

الأمر عام وكل الإدارات معنية بالتغيير من عدل، وتعليم ، ومالية ،وداخلية ،وخارجية ،وفلاحة، وثقافة، وصحة ،وسكن ... الخ.
الرجة يجب على ادق مستوى ان تلج عالم المال والأعمال. لأ  دور الابناك والمستثمرين المحليين وتجمعاتهم المهنية أمر  محوري في اعمال القفزة النوعية المتوخاة. لا تقدم بدون قطاع خاص حيوي منضبط ومسؤول وواع بدوره التاريخي ، ووطني حتى النخاع. 
على أي، فأول الأولويات،  تبقى الانخراط في برنامج جد طموح للتشغيل وتحفيز الشباب .

وهنا للمقاولة وللاستثمار الخاص دورهم المفصلي. برنامج لا على شاكلة ما سمي في الماضي بمجلس الشباب والمستقبل الذي ،وإن  كانت فكرة إنشاءه جد صاءبة، الا أن  تنزيله على ارض الواقع أدى الى إعطاء مفاهيم خاطئة  للشباب، خصوصا إيهامهم بان الوظيفة العمومية سوف تضمن الشغل ،ان لم يكن للجميع فلعدد وافر على الأقل.

على كل فقد كانت تجربة يجب استخلاص العبر منها من إعمال  برنامج ناجع يتماشى مع الحاضر.
اخيراً لا يمكن لأي بلد ان يسير بدون رؤية مستقبلية واضحة متفق عليها ديمقراطيا وان كان ترتيبها تقنقراطيا بالطبع. ما دام الانسان المغربي يعيش اكثر من 75 سنة في المتوسط وما دام هو أصل وهدف التنمية فمن الضروري وضع رؤية  تشاركية شاملة. إن الإجماع الوطني حول أهداف محورية هامة بين جميع الهيئات السياسة الوطنية امر ظروري، تعمل أية حكومة مهما كان لونها على تطبيقها احسن تطبيق بالنزاهة والكفاءة والمسوءولية والمحاسبة الظروريون. وفي ذلك   فليتنافس المتنافسون!

 


 كيف ترون  الإمكانيات التي تتيحها الاستراتيجية الإفريقية للمغرب من أجل إعطاء نفس جديدة للنموذج التنموي؟

 

أمر منطقي أن يتجه المغرب و هو بلد أفريقي نحو قارته. هذا لا يعني ان الامر من السهولة بمكان. إذ للأفارقة،  ما يكفي من الذكاء والنضج يجانعلهم ينفرون كل ما شابه تعامل المستعمر والمستثمرين الجدد، غربيون كانوا أم  أسيويون  ، من استعباد واستغلال واحتقار. وهم على على صواب. لذا فان التعامل المعقلن والمبني على نسق رابح-رابح الذي يقدمه المغرب لشركائه جنوب الصحراء لا يمكن الا ان يكون مجديا للجميع.

لذا فان انتقاء المتعاملين المغاربة الأكفاء  والنزهاء ، إداريين كانوا أم خواص ، وتقييم كاف للمخاطر المحدقة بالمشاريع المنتقاة ، لأن  المخاطر كثيرة وممكنة ، على المستويات المالية والإدارية والتقنية وحتى السياسية.

كما ان التسيير الدقيق والتتبع اللصيق للبرامج التنموية التعاونية  مع الاشقاء الجنوب صحراويين من الضروريات الملحة. لما في ذلك من صون لمنهجية المغرب، وللثقة التي يضعونها في بلادنا والتي تعد نموذجا يحتذى به بالنسبة للكثير منهم. 
إن  العمل القوي في مجال التعليم والتكوين والبحث العلمي والثقافة مع الاشقاء الافارقة ذو أهمية قصوى. لذا يجب مضاعفة الجهود في هته الميادين الاستراتيجية والمجدية للجانبين.


 هل يمكن إطلاعنا على تجارب ناجحة لدول لها وضع مشابه للمغرب؟

من البديهي انه غير مجد أن نتصور بانه يمكن استنساخ نموذج اجنبي وان أثبت نجاعته. لذا فالمقارنة مع تجارب اجنبية لا تعدو ان تكون من باب الاستئناس واستخلاص احسن التطبيقات وخصوصا المنهجية المتبعة.

على أية حالة،  فمنهجيات تنموية حديثة من قبيل بلدان ك كوريا الجنوبية وماليزيا والفيتنام والتشيلي وإيرلندا، وإن اختلفت شكلياتها ، فإنها تتشابه على عدة مستويات: بعجالة، أولها الدولة القوية الناجعة، ثانيها التنمية الشاملة والمثلى للرأسمال  البشري ،ثالثا التجانس والتعاون القويين بين رأس المال الخاص والدولة على تطبيق فعال لمخططات تنموية متفق عليها خصوصا في الصناعة الحديثة والتكنولوجيا، رابعا التوظيف القوي والهادف للهوية الوطنية لإذكاء روح الدينامية والتفاني في العمل المتقن قي اجواء انفتاح ثقافي على الخارج وتقبل بصدر رحب للاستثمارات الخارجية والأفكار الناجعة أيا كان مصدرها شريطة ان تكون صالحة للتنمية المحلية.

أحمد ازيرار  اقتصادي، أستاذ بالمعهد العالي للتجارة وإدار المقاولات «ESCAE»