مجتمع

محمد فال القاضي أكاه: مذكرات عائد موريتاني من جحيم معتقلات البوليساريو (ح:54)

محمد سالم الشافعي/ عبد الكبير اخشيشن الاثنين 28 أغسطس 2017
4974653-7427713
4974653-7427713

سطور عن ضحايا ماتوا تحت التعذيب

لائحة ضحايا سجون البوليساريو أطول وأكثر تشعبا لن أفيها حقها من الحصر والتوضيح، ولكن قصص أصحابها متشابهة في النهاية المأساوية التي آلوا إليها جميعا، لذلك سأذكر في هذه المرحلة بعض الحالات التي عايشتها واستقيت معلومات من ذوي أصحابها.

أعمر ولد محمد أبيطات (العطلة الأبدية)

سنة 1980، وبعد حصوله على شهادة البكالوريا في الرياضيات، توجه أعمر ولد محمد أبيطات إلى مدينة انواذيبو لقضاء عطلة مع ابن عمه النقيب في البحرية الموريتانية محمد ولد أحمد سالم ولد محمد أبيطات، ولا شك أن والده الثري، والذي هو القائد التقليدي لمجموعته القبلية لم يكن يتوقع أن عطلة ابه النابغة ستكون عطلة أبدية لن يراه بعدها، وأن المجهود الذي بذله في تربيته وتعليمه سيتبخر في لحظة من لحظات السادية التي يتلذذ بها قاتل في أرض بعيدة عن الدار يحكمها قانون الغاب الذي يطبقه القتلة والشياطين، ولم يسمع عنه من خبر بعد التحاقه بصفوف البوليساريو سوى اسمه الذي ورد ضمن لائحة للقتلى بثتها إذاعة مغربية سنة 1990، وست سنوات بعد ذلك أسلم الوالد الروح لبارئها علها تلتقي روح فلذة كبده في العالم الآخر.

عالي ولد محمد ولد آشليشل:

التحق بصفوف البوليساريو وهو بالكاد يبلغ سن الرشد، وبعد أن أكمل التدريب العسكري التحق بالناحية العسكرية الثانية وظل يقاتل في صفوفها إلى تم توقيفه لتتم تصفيته في معتقل الرشيد

الرهيب، تاركا وراءه أخته الوحيدة تنوح على فراقه، وكان رفاقه في المعركة يثنون على شجاعته النادرة بالمقارنة مع عمره.

باب ولد الشيخ:

انطلق بداية سنة 1979 من مدينة الكويرة، حيث كان يعمل مدرسا للغة الفرنسية إبان وجود الإدارة الموريتانية في إقليم وادي الذهب، وبعد خروج موريتانيا من الحرب التحق بصفوف البوليساريو وعمل مدرسا في مدرسة 9 يونيو القريبة من مركز الرابوني وظل بها إلى أن تم اعتقاله بداية سنة 1983 وقتله في معتقل الرشيد. وكان رحمه الله خلوقا يتعامل مع من هم حوله بكل احترام، ويتمثل فيه الشخص الذي لا يريد علوا في الأرض ولا فساد، لكن ذلك لم يشفع له ليصبح مجرد رقم في لائحة طويلة من ضحايا الحقد والإجرام الذي كان يمتاز به القتلة من قائدهم إلى البواب.

أمان ولد الكويري:

هو أمان ولد محمد ولد الكويري، سنة 1979 تاريخ التحاقه بصفوف البوليساريو، لم يكن عمره آنذاك يتجاوز 19 عاما وكان حاصلا على شهادة البكالوريا في الآداب العصرية وكان فتى أنيقا ولبيبا، من وجهه تشع البراءة، إذ توحي قسمات وجهه بأنه أصغر من عمره الحقيقي ويوحي عقله ومعلوماته الدراسية بأنه أكبر من ذلك العمر بكثير. غير أن تلك الصفات لا تعني شيئا في قاموس من سخرتهم قيادة البوليساريو للتعذيب والقتل، فقد مات هذا البرعم تحت سياطهم بعد أن اعتقلوه ضمن كذبة الشبكة الموريتانية الفرنسية سنة 1982. حين حضر شقيقه البخاري إلى مقر جمعية ذاكرة وعدالة لتقديم توكيل للجمعية قال بالحرف: «نحن لا نريد مالا فأموال الدنيا لا تعوض شقيقنا ولا نريد اعتذرا، وإنما نريد معرفة الحقيقة والقصاص ممن كان مسؤولا عن قتله».