ثقافة وفن

الحكم ليس نزهة والصحافة ليست هلوسة

أحداث أنفو الاحد 20 أغسطس 2017
unnamed
unnamed

AHDATH.INFO

متى تكون الصحافة سلطة رابعة وفِي أي شروط وهل الصحفي الذي تلوث عقله بقراءة معينة يمكن أن يكون بالفعل سلطة رابعة أو خامسة؟ الفرق بين السياسي والصحفي هو أن السياسي يعبر عن مواقفه انطلاقا من موقعه وعلى ضوء ميزان القوة الذي يعيشه ولا يمكن لصحفي أن يتحول إلى سياسي والأكثر من هذا إلى فاعل داخلي في حزب معين. 

مواقف العدالة والتنمية تعبر عنها أجهزته التقريرية والقيادية فابن كيران ليس أخرس والتقاطبات التي يعيشها الحزب ليست افتراضية بل لها وجوه وأسماء ومواقع تعبر عن نفسها وهي ليست في حاجة إلى من ينوب عنها لدفع الأمور في اتجاه معين.مناسية الحديث هو الانزلاق الذي تعيشه يومية في تعاطيها مع الشأن العام.

احتجاجات الريف كانت مناسبة ظهر فيها الزيف وككل مرة تتحول التغطية من متابعة إلى تأجيج كأن المطلوب من الريف أن يعيد صياغة المعادلات والآفاق،فالحكم ليس نزهة نعم ليس نزهة بين سطور تحول صاحبها إلى مفتي القرارات والسياسات.

المطلوب حسب عمود المفتي أن يعود بن كيران إلى الحكومة وأن تسقط الحكومة وأن يستفيد بن كيران من ولاية ثالثة ولما لا رابعة هذا شأن داخلي لحزب ويجب على صاحب الحكم أن يهيئ الشروط، شروط الولاية الثالثة والحكومة وألا يتخذ من القرارات إلا ما يرضي العمود وصاحبه.

فمن شروط الحكم الذي ليس نزهة أن "يزنذ" الريف ويتحول إلى "مِرجَل" وأن يتم العفو عن الجميع بدون استثناء و بدون تمييز وفوراَ حتى يعطي المشروعية لقضاء الشارع والبلطجة واللاقانون وسلطة الحجارة.

 ومن مستلزمات الحكم الذي ليس نزهة أن يقبل العقل الجماعي أن مريضا بالربو لم يشارك يوما في الاحتجاجات يشتغل ليلا في سيارة الأجرة أن يجبره العمود وعناوين مقالات صاحب العمود على استنشاق الغاز في ليلة مفترضة لم تعرف إطلاق غاز وأن يكمل العمود ما قام به المحامي الذي أعياه السعي لكي "يحفظ" استغلال الجثة في اسمه رغم أن العائلة تبرأت منه مرات ومرات، فهي غير معنية بمستقبله المهني وتصريحاته التي ينسبها للعائلة حتى يجبرها على أن تكون وقودا لمعركة ليست معركتها.

مات العتابي ودفن..مات الحداد ودفن..فمن مستلزمات الحكم الذي ليس نزهة ألا يدفنوا وأن يتركوا في ثلاجة حتى يأتي "المشرح" الدولي كأن المغرب في حرب..كأن المغرب دولة اللادولة واللاقانون ليصبح العمود شريعة المتقاضين والسياسيين والحكام والحكوميين..

إنه عمود الصحفي الذي يوجد في نزهة ويظن أن الدولة توجد في نزهة ولهذا لن تنام حتى تقرأ العمود وتوزع المهام على أطقمها حسب إرادة المفتي الذي يتنزه على الشاطئ ويحسب أن الدولة في نزهة.

فالأزمات الخمس التي يفترضها المفتي هل هي حقا أزمات أم أن عقل المفتي هو الذي اختلقها فليس مطلوبا من الدولة أن تعجب المفتي وليس مطلوبا من الدولة أن تحكم بفتاوي المفتي لأن نزهة المفتي غير ملزمة للدولة.

كانت ستكون كذلك لو أن المفتي اختط لنفسه قبل 7 أكتوبر خطا قريب من الموضوعية بعيدا عن نميمة أواخر الليل في الرباط مع الشلة إياها وأخذ مسافة من تناقضات حزب بعينيه وبالأساس من وجهة نظر بعينيها لأعطى لنفسه مشروعية المؤمن بالمشترك.

 أما وأن الإفتاء الانفصامي يبحث عن اجترار أحداث بعينها وقراءتها قراءة مغرقة في التضخيم يتم تصديقها لإعطاء مشروعية لقراءة مهزوزة تبقى حبيسة العالم الافتراضي لأنها نبتة غير متجذرة فهي غير ملزمة إلا لصاحبها حتى ولو أمضى عمره في الكتابة التي لن تتجاوز هلوسة جلسات آخر الليل التي سبقه فيها كثيرون كانوا يتصورون أن "المغرب على مفترق الطرق" و أنه "قاب قوسين أو أ دنى"...

ولكن لا شيئ من ذلك حدث لأن الحكم الذي ليس نزهة لا يستمد قرارته من هلوسات الكتبة حتى ولو كنت واحد منهم.

للحكم آلياته وميكانيزماته وقنواته وتوجهات الرأي العام ليست قيد الإقامة الإجبارية في الإفتتاحية المعلومة لا توجد إلا فيها وإلا سقطنا جميعا في مطب الشمولية التي لا تؤمن إلا بهلوساتها وتسقطها على الرأي العام وتشيطن من لا يرتهن لها.