بوابة الصحراء

محمد السادس : المحامي المستميث لإفريقيا

حكيم بلمداحي الاحد 21 مايو 2017
محمد السادس : المحامي المستميث لإفريقيا
815-620x294-1

توجهت بوصلة الملك محمد السادس نحو إفريقيا، ولبس ثوب الدفاع المستميث عنها منذ توليه العرش. ففي سنة 2000، أعلن خلال أشغال القمة الأورو- إفريقية الأولى بالقاهرة في أبريل 2000، عن إلغاء ديون المغرب المستحقة على الدول الإفريقية الأقل نموا، وإعفاء منتجاتها الواردة إلى المغرب من الرسوم الجمركية، حينها لم يكن أحد يتوقع أن نبتة هذا الاختيار ستنمو بشكل متواتر، لكن طيلة الستة عشرة سنة، لم تخل جل خطبه من زيادة النبض الإفريقي في اهتماماته.

ما يزيد عن الثلاثين خطابا مباشرا وغير مباشر، كانت هموم القارة حاضرة في أقوى فقرات كلماته، وما يزيد عن العشرين زيارة لأدغال القارة، حرثت غربها، قبل أن تتوجه نحو شرقها لتجسيد هذا الاهتمام بالفعل الميداني الملموس، وحضور في مختلف المحطات الحاسمة من باريس لنيويورك فدلهي، حيث كان المحامي المستميث عن القارة وقضاياها أمام العالم.

ولغزارة هذه الكلمات، نستعرض بعضا من المحطات الرئيسية، والعناوين الساخنة في مرافعات، هذا الملك الإفريقي، كما وصفه زعماء منها، للتأكد من هذا الخيط الناظم فيها.

مؤتمر المناخ بمراكش..  

انعقاد هذا المؤتمر بإفريقيا، يحثنا على إعطاء الأسبقية لمعالجة الانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية، التي تزداد تفاقما بدول الجنوب والدول الجزرية المهددة في وجوده. إن الالتزام بمواجهة إشكالية التغيرات المناخية، من خلال تطبيق اتفاق باريس، يجسد رغبتنا المشتركة في تعزيز التضامن بين الأجيال.

ويعد هذا الانخراط ضرورة أخلاقية، وواجبا إنسانيا، يجب أن يقوم على الإيمان بحتمية المصير المشترك، والتضامن الصادق بين الشمال والجنوب، لصيانة كرامة البشر.

خطاب المسيرة من دكار..

لم يعد سرّا أن المغرب يمتلك عمقا إفريقيا بفضل المبادرات المستمرة، التي يقوم بها، وآخرها خطاب المسيرة الخضراء 6 نوفمبر 2016 بداكار الذي توجه فيه إلى أبناء شعبه بقوله: «إذا كنت خاطبتك في مثل هذا اليوم من العام الماضي من العيون في الصحراء المغربية، بخصوص إفريقيا، فإنّي أخاطبك الآن من قلب إفريقيا عن الصحراء المغربية. فهذا الخطاب من هذه الأرض الطيّبة تعبير عن الأهمّية الكبرى التي نوليها لقارتنا».

قمة الاتحاد الإفريقي..

الملك محمد السادس في رسالة تاريخية لقمة الاتحاد الإفريقي .. «المغرب بلد إفريقي بانتمائه، وسيبقى كذلك. وسنظل نحن المغاربة جميعا في خدمة إفريقيا... وسنكون في المقدمة من أجل كرامة المواطن الإفريقي واحترام قارتنا. فأنا أعرف إفريقيا وثقافاتها، أكثر مما قد يدعيه بعض الآخرين. فبفضل زياراتي المتعددة لإفريقيا، أعرف أيضا حقيقة الوضع على الأرض».

خطاب كوب 21 بباريس..

«هل من المشروع أن تصدر توجيهات حماية البيئة عن الأطراف التي تعتبر المسؤول الأول عن ارتفاع حرارة المناخ؟... القارة الإفريقية تستحق اهتماما خاصا، فهي قارة بدأت تستفيق في كل مناطقها، وتستكشف ذاتها وتكتسب الثقة في نفسها. إنها قارة المستقبل، وعلى أرضها سيحسم مصير كوكبنا».

وشدد جلالته، في هذا الإطار، على ضرورة تشجيع نقل التكنولوجيا وتعبئة الموارد المالية، خاصة لفائدة الدول النامية، لما لهما من أهمية بالغة.

خطاب نيودلهي ..

دعا الملك محمد السادس، في خطاب ألقاه أمام القمة الثالثة لمنتدى الهند وإفريقيا 2015، دول الجنوب إلى وضع ثقتها في دول الجنوب، مذكرا بما سبق وأن طالب به الدول الإفريقية بوضع ثقتها في إفريقيا، واستثمار ثرواتها ومؤهلاتها في خدمة التقدم المشترك لشعوبها من أجل اللحاق بالدول الصاعدة.

ورأى محمد السادس أن إفريقيا اليوم تستحق «شراكات تعاون منصفة، أكثر من حاجتها لعلاقات غير متوازنة، بدعم مشروط»،  مؤكدا أن المغرب أصبح أول مستثمر إفريقي في منطقة غرب إفريقيا، والثاني على مستوى القارة.

طريق الحرير البحري..

أعلن الملك محمد السادس، في الخطاب الذي وجهه إلى المشاركين في قمة منتدى التعاون الصيني- الإفريقي، أن تطوير وتنمية العلاقات الصينية الإفريقية خيار استراتيجي لا محيد عنه، وهو «ينبني على مبدأ الاستفادة المتبادلة والتنمية المشتركة». وأعلن الملك عن اعتزاز المغرب بما حققه منتدى التعاون الصيني الإفريقي من نتائج بعد خمس عشرة سنة من التعاون المثمر والشراكة الاستراتيجية الناجحة.

أبيدجان .. نهاية الإستعمار

شدد الملك محمد السادس، في الخطاب، الذي ألقاه في أبيدجان خلال حفل افتتاح المنتدى الاقتصادي المغربي الإيفواري، «أن إفريقيا لم تعد قارة مستعمرة، بل قارة حية ليست في حاجة إلى مساعدات إنسانية بقدر حاجتها لشركات ذات نفع متبادل لمشاريع التنمية البشرية والاجتماعية». قائلا «إذا كان القرن الماضي بمثابة قرن الانعتاق من الاستعمار بالنسبة إلى الدول الإفريقية، فإن القرن الحادي والعشرين ينبغي أن يكون قرن انتصار الشعوب على آفات التخلف والفقر والإقصاء ومواجهة العديد من التحديات التي تهدد الاستقرار السياسي في إفريقيا وتعيق النمو الاقتصادي والاجتماعي بها».

دستور 2011..

هو الانشغال نفسه، الذي جعل المغرب يُوجه بوصلته الاقتصادية والسياسية نحو الجنوب في إطار علاقة جنوب ـ جنوب، مدعوما بمضمون «التصدير» الدستوري الذي «يُلزم المغرب بتقوية علاقات التعاون والتضامن مع الشعوب والبلدان الإفريقية، ولا سيما مع بلدان الساحل وجنوب الصحراء». وهو ما شكل في حد ذاته ثورة هادئة قادها جلالة الملك من خلال تنويع زياراته من دول غرب إفريقيا الفرنكفونية إلى شرق إفريقيا الأنغلوفونية.

قمة القاهرة أبريل 2000..

بعد إعلان المغرب بشكل جدي وكامل دعمه لشراكة جنوب ـ جنوب، عبر النهوض الاجتماعي والاقتصادي في بلدان إفريقيا. وتأكيد انفتاحه على جذوره الإفريقية بزيارات مكثفة ومتتالية للملك محمد السادس إلى عدد من الدول الإفريقية خلال الآونة الأخيرة، وتفعيل ما يقارب عن 75 في المائة من الاتفاقيات المبرمة معها، حيت ظهرت بوادر عودة التواصل المغربي الإفريقي، منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش، وذلك حين أعلن خلال إشغال القمة الأورو- إفريقية الأولى بالقاهرة في أبريل 2000 عن إلغاء ديون المغرب المستحقة على الدول الإفريقية الأقل نموا، وإعفاء منتجاتها الواردة إلى المغرب من الرسوم الجمركية.