هنا و الآن

طلحة جبريل يكتب: أخبار على الهواتف الذكية

أسامة خيي السبت 01 أكتوبر 2016
sp
sp

AHDATH.INFO خاص

بثت وكالة «أسوشيدت بريس» تقريراً مقتضباً حول تقديم المغرب طلباً للعودة إلى «الاتحاد الإفريقي». اعتمد التقرير على بيان موجز أصدره رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي.

‫اللافت للانتباه أن خطأ ورد في التقرير يشير إلى أن المغرب «غادر الاتحاد الإفريقي‫ عام 1975».

الصحيح أن المغرب لم يغادر الاتحاد الإفريقي قط، لأنه لم يكن أصلاً عضواً فيه.

ذلك أن الاتحاد الإفريقي كان قد أعلن عن تأسيسه بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا في مايو 2001 على أنقاض «منظمة الوحدة الإفريقية»، ثم اكتمل التأسيس في جنوب إفريقيا في صيف عام 2002، في حين كان المغرب قد انسحب من منظمة الوحدة الإفريقية عام 1984، عقب ضم ما يسمى «الجمهورية الصحراوية» لعضوية المنظمة.

الخطأ الثاني الذي ورد في تقرير «أسوشيدت بريس» اشارة إلى أن المغرب انسحب من «منظمة الوحدة الإفريقية» عام 1975، والصحيح أنه انسحب بعد تسع سنوات من ذلك التاريخ.

ربما يتبادر إلى الذهن أن ما وقعت فيه الوكالة خطأ طفيف، لكن عندما تقع وكالة تتمتع بمصداقية عالية سيختلف الأمر، خاصة أن الوكالة تتحدث عن «ضم المغرب للصحراء الغنية بالمعادن»، مع إشارات حول توتر العلاقات بين المغرب والأمم المتحدة وطرد أعضاء من بعثة المينورسو، وما إلى ذلك من معلومات أرشيفية منزوعة من سياقها. ربما ندرك حجم خطأ الوكالة لأنها ترفع شعاراً من ثلاث كلمات يقول إنها تلتزم «الدقة والحياد والنزاهة»

وما يجعل التقرير مثار اهتمام، أن كبريات الصحف الأمريكية نشرته نقلاً عن الوكالة بما في ذلك «واشنطن بوست» الصحيفة الأكثر اتزاناً وعمقاً ومهنية.

ما يؤشر إلى أن الوكالة اعتبرت ما ورد في خبرها أمراً يتطلب التصحيح، لذلك عادت بعد أربعة أيام من نشر التقرير إلى تصحيح تاريخ انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية، وقالت إنها نشرت تاريخاً خطأ.

تلك فضيلة.

‫ثمة ملاحظة مهنية حول تقرير «أسوشيدت بريس»، وهي أن الوكالة اختارت ضغط النص ليكون في حدود 257 كلمة، لا شك أن الاختيار ليس عشوائيا.

تسعى الوكالات العالمية حاليا إلى أن تكتب أخباراً، خاصة إذا لم تكن لها أهمية ‪ كبيرة، تتناسب وقراءتها على الهواتف الذكية. الراجح أن هذه الوسيلة لقراءة الأخبار باتت أكثر انتشاراً من الصحف الورقية أو المواقع الإخبارية، على الرغم من أن تطبيقات الهواتف الذكية تعتمد حالياً على النقل المباشر من الصحف والمواقع.

بيد أن بعض الوكالات بدأت تتكيف مع هذا التغيير، بحيث تبدأ الخبر أو التقرير طبقاً لقاعدتين تقليديتن هما الإجابة على الأسئلة الست (ماذا، متى، أين، من، كيف، لماذا)، واعتماد قاعدة الهرم المقلوب، ثم بعد ذلك كتابة خلفية أرشيفية للخبر في الفقرة الثانية. على ألا يقتصر الأمر على الفقرة الثانية بل تطعيم المادة بمادة أرشيفية طبقاً لتقديرات المحرر الذي يكتب الخبر.

سنلاحظ أن «أسوشيدت بريس» تقيدت بهذه القاعدة وهي تكتب خبرها عن طلب المغرب رسمياً العودة إلى «الاتحاد الإفريقي».

استهلت الوكالة خبرها كالتالي:

«قدم المغرب رسمياً طلباً للانضمام مرة أخرى للاتحاد الإفريقي، بعد أزيد من ثلاثة عقود، طبقاً لمصادر الاتحاد القاري».

بعد ذلك جاءت الفقرة الأرشيفية، حيث كتب محرر الخبر التالي:

«يعد المغرب البلد الوحيد في القارة الذي ليس عضواً في الاتحاد. كان المغرب قد غادر الاتحاد الإفريقي في 1984 بعد خلافات بشأن الصحراء الغنية بالمعادن التي يعتبرها الاتحاد الإفريقي «دولة مستقلة» في حين يعتبرها المغرب «أقاليمه الجنوبية».

يبدو واضحاً أن محرر الخبر أراد «تلوينه» عبر فقرة الأرشيف، خاصة الإشارة إلى مسألة وفرة «المعادن» وهو توصيف ليس موضوعياً. كان يمكن مثلاً تقديم إيضاحات عبر الفقرة الأرشيفية بالإشارة إلى أنها «مستعمرة إسبانية سابقة تقع على محيط الأطلسي في شمال غرب إفريقيا».

هناك نقاش يدور حالياً بين مختصين وخبراء حول الصيغة المثلى لكتابة الأخبار للهواتف الذكية، في هذا السياق تلقيت دعوة من مؤسسة «أنترنيوز» التي يوجد مقرها في ولاية كاليفورنيا للمشاركة في هذا النقاش.

وبما أنني أعكف على كتابة ورقة حول الموضوع وجدت ملائماً أن أشارككم الأمر، إذ هناك فائدة وجدوى من توسيع دائرة أي نقاش علمي ومهني.

في اعتقادي أن كتابة الأخبار للهواتف الذكية يفترض أن تنقسم إلى ثلاثة نماذج.

النموذج الأول، يعتمد كتابة الأخبار العاجلة، حيث يفترض أن يكون عدد كلمات الخبر المقتضب ما بين أربع إلى سبع كلمات.

النموذج الثاني، خبر مقتضب لا يتجاوز 150 ‪كلمة يمزج ما بين المعطيات الحدثية والمادة الأرشيفية.

النموذج الثالث نشر تقرير مفصل عندما يكون الحدث مهماً، بحيث يبقى المحرر مطمئناً إلى أن المتلقى الذي سيقرأ التقرير على هاتفه المحمول لن يشعر بالضجر وهو يحرك شاشة الهاتف إلى أعلى أو أسفل ليطلع على جميع التفاصيل.

هذه الصيغة تحتم على المحررين في الصحف والمواقع الإلكترونية الاستفادة من تعدد التطبيقات، بحيث يمكن عبر لمسة زر تحويل الأخبار إلى صيغة ملائمة للهواتف المحمولة.

أختم بملاحظة أخيرة لها علاقة بالحملة الانتخابية إذ لم أجد أثراً يذكر حتى الآن للحملة على الهواتف الذكية، باستثناء ما تتناقله الشبكات الاجتماعية.

ربما ستتهاطل دعايات المرشحين في الأسبوع الأخير.

سنرى.